للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أيّ شأن لها، وأيّ ملوك ... سجدتْ حول عرشها تترامى؟

إِن رَأَتْ سجْدَةَ الملوك فهذا ... الدهر ألفى لها السُّجود احتراما!

أنا أكرمتها بدمعي احتراماً ... وكرام الأنام تبكي الكراما

يا لَستِ من العواميد تُلْفَى ... لجميع الورى دروساً جساما

واقفات كأنها خطباء ... تعظ الأرضَ والسَّما والأناما

قائلات: المجد يبقى وإنْ كا ... ن بنوه تحت التراب رماما

يَا لَستٍّ من العواميد كم قد ... رفعت ثُمَّ نَكّسَتْ أعلاما

صافحت في الزمان رُوماً وعرباً ... ونصاري الغزاة والإسلاما

صافحتهم وودَّعتهم بكفٍّ ... لم تطوِّل وداعها والسَّلاما

ولكم أبصرت ولم تتزعزع ... عادياتٍ تجرّ مَوْتاً زؤاما

كم تلّقتْ بصدرها مِنْ سهام ... ورأت للعدى قناً وحساما

بسمت نحوها الغزاة وعادت ... وهي تذري لها الدموع انسجاما

يا لَستٍّ من العواميد ظلّت ... كشموعٍ للِدَّهْرِ تجلو الظّلاما

قد تعالَيْنَ فاتحدن رؤوساً ... ثم أحكمنَ في الثرى الأقداما

حاكيات وسط الفضا أخوات ... قد تماسَكْنَ واتحدنَ غراما

وضع الحسنُ والبها تاجَ حسن ... واحداً فوق رأسهنَّ تسامى

وَحَّدَ الحسنُ بينهنَّ بتاجٍ ... حيث في الحسن قد بلغن التّماما!

فتعاهَدْنَ في كِفاحِ الّليالي ... لا يبارِحْنَ حظّهُنَّ انهزاما

أو كقوّاد جَحْفَلٍ قد أَطلُّوا ... يصدرون الآراَء والأحكاما

يتناجون دون تحريك هام ... حيث ولّوا نحو الجيوش الهاما

ظلَّ بعضٌ يفضي لبعضٍ برأيٍ ... واستمرُّوا يراقبون الصِّداما

يا لستٍّ من العواميد تبكي ... أخوات لها قضين انهداما

هدّتها كفّ القضا فاشتهت لو ... حطمت معول القضا الهدّاما!

ذكرت عهدها القديم فأمست ... وهي يَقظَي تشاهد الأحلاما

كم وعت خطبةً وأصغت لنجوى ... آه. . . لو أنها تعيد الكلاما؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>