تتراءى كأنها كفّ جبا ... ر عظيمٍ زادوا بها إبهاما
جسمه القلعة المهيبة لكن ... أَلْبَسَتْهُ يد البِلى اسقاما
فانْهِدَامَاتها جراح بجسم ... طالما مارس الوَغى والزّحاما
كسرت عظمة الليالي فلم ... يُبْدِ انكساراً ولا اشتكى آلاما
وسبتني فيها تماثيل غيد ... عبدتها أهل الهوى أصناما
سكب الفجر ضوَءه في ثنايا ... ها وألقى الضحى عليها ابتساما
يشتهي الثغر لثمها وهي صخر ... ويذوب الفؤاد فيها هياما
هِمْتُ فيها فقلت هزؤاً بنفس ... أيّ صبٍّ قبلي أحبَّ الرّكاما
عاريات مثل الملائك لم يس ... دلن ستراً ولا وضعن لثاما
اتخذت عفة النفوس رداءً ... وسنا الحسن في الجبين وساما
لم تشوِّه بالصبغ يوماً وجوهاً ... جعل الحسن عندهن مقاما
هنَّ مهما شاب الزمان صبايا ... راميات بلحظهنَّ سهاما!
وشجتني منهن هيفاء خود ... سامها الحظ دونهن اهتضاما!
شوَّه الدهر ثديها بانكسار ... قبل أن يبلغ الرضيع الفطاما
فرنت نحو صحبها بانكساف ... خوف نقص يعزى إليها اتهاما
وتمنَّتْ لو اكتسين جميعاً ... برداء ليستر الأجساما!
ورأيت الضرغام فارْتعت منه ... أيُّ قلب لا يرهب الضرغاما؟
مُعْلياً صمته المهيب زئيراً ... ساكناً خضرة السما آجاما
أسد الغاب خلته احتل (برج ... الأسد) اليوم، واعتلى الأجراما
فاتح الطرف، كاشر الناب، يبغي ... أن يخيف القضا إذا ثمَّ حاما
نصبوه في الجوِّ حامي عرين ... يقظ الطرف، لا يحب المناما
ظلَّ في الجو حارساً لحماه ... ومخيفاً وحش الدجا والطغاما
قام أسد الحمى وظل مفيقاً ... لا يذوق الرّقاد حتى لماما
وشجتني فيها مسارح لهوٍ ... وفنون تنوّر الأفهاما
كم عَلَتْ فوق ساحها خطباء ... وغوان ترجِّع الأنغاما