موجودة جميعها في الطبيعة، وتدخل في التراكيب المعدنية التي لا عداد لها بحيث لا يوجد عنصر من العناصر خاص بالأحياء دون غيرها
والواقع أن المواد المسماة بالحية، وعلى العموم المواد العضوية، مشتقة جميعها من الجمادات رأساً، وهي تتركب منها مباشرة في كل لحظة أمام أعيننا وعلى مرأى منا على الوجه المتقدم بيانه في المقال السابق. فمادة النباتات الخضراء (الكروفيل) تستعين بقوة الشمس وتحلل غاز الحامض الكربونيك المنتشر في الجو وتنتزع منه الكربون وتمزجه بالماء فتكون منه السكر والنشا والسيليلوز ومادة الخشب والمواد الدهنية والأحماض والقلويات العضوية الثلاثية. وفي الوقت نفسه تمتص جذور النباتات التراكيب الآزوتية من الأرض، وهذه تمتزج بالمواد الكربونية سالفة الذكر بفعل قوة الشمس أيضاً فتتولد المواد الزلالية الحية
وما تنشئه الطبيعة بواسطة النباتات من المواد قد أمكن للإنسان أن يصنعه من مواد معدنية محضة، فقد توصل الكيميائيون إلى تركيب معظم المواد الحيوانية والنباتية ومشتقاتها من الجمادات مباشرة كالسكر والنشا، وبعض المواد الدهنية، ومواد الصباغة، وكثير من القلويات المستعملة في الطب، وجميع العطور وغيرها ذلك. ومن المدهش الذي يدعو إلى الإعجاب الكبير أنهم صنعوا عطوراً اصطناعية لا وجود لها في عالم النبات حيث لا توجد زهور تقابلها
ويجدر بنا هنا أن نخص المواد الزلالية بكلمة على حدة لأنها كانت إلى وقت قريب تعد معقل الحياة. فقد ثبت من تحليلها بطريقة علمية دقيقة إنها مكوّنة من امتزاج بعض الأحماض العضوية الآزوتية والفسفورية ببعض كالحامض النمليك وغيره. وما أن عرف العلماء ذلك حتى اخذوا يمزحون بعض هذه الأحماض ببعض على صور عديدة مختلفة. فنجحوا في وضع الجيلاتين والبروتين وزلال اللبن (مادة الجبن)، وزلال يدعى الكيراتين يدخل في تركيب أظافر الإنسان والحيوانات الفقرية الأخرى. وهذا النجاح يبشر بقرب الوصول إلى تركيب المواد الزلالية المسماة بالحية.
الشكل النوعي
فضلاً عما ثبت نهائياً وقطعياً من الكائنات الحية ليست ثابتة في أشكالها، بل إنها في تغير