فرأت صورتك هناك فابتعدت باكية)
على أنه يؤمن بأن القلب إذا كان عاجزاً عن صدّ عاديات الزمن، عاجزاً عن الاحتفاظ بالحب والروح حبيسة الجسد، فإنه يعود قوياً نشيطاً ويسترجع الحبَّ القديم جديداً كما كان أوّل ما بدأ، بعد انطلاق الروح. . .
(أيها القلب الرّثيث البالي)
(أخرج سالماً من شبَك الضلال والصواب)
(اضحك - أيها القلب - ثانية في الغسق الأشهب)
(تنهد - أيها القلب - ثانية بين ندى الصباح)
(أما والقلب والروحُ رهينا الجسد)
(فإن الحبَّ أقل رفقاً من الغسق الأشهب)
(وإن الأمل أقل نفاسة من ندى الصباح)
والشاعر من أجل ذلك يتمنى لحبيبته الموت. فلو أنها ماتت لعادت إليه وقد صفحت عنه، لأنها ماتت، وعند ذلك يضم جمالها إلى صدره.
ثم إن حبيبة هذا الشاعر أجمل مخلوق في الوجود. بل هي المرأة الجميلة الوحيدة. ثم إن الناس جميعاً، بل الكون جميعه، يحبها حبَّ عبادة وتقديس:
(ما عليك إلا أن ترفعي يداً من شحوب اللآلئ، وتجمعي ما تفرق من غدائر شعرك ثم تتنهدي. . . فإذا قلوب الرجال جميعاً تتأجج وتخفق؛ ثم لا يحيا الزَّبدُ على الرمال المعتمة، ولا النجوم وهي تصعد في السماء يتنزل منها الندى إلا لتنير قدمك العابرة)
وإذا كان هذا هو شأنها، فأي هدية إذاً تليق بها؟!
(لو كنت أملك أنسجة السماء الموشاة)
(تطرزّها أشعة من ذهب وفضة)
(ما بين أزرق ومعتم وأسود)
(ومن ليل أو نهار أو شبه ليل أو نهار)
(إذن لنشرت تلك الأنسجة تحت قدميك)
(ولكن فقيرٌ ما أملكُ إلا أحلامي)