للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

إن آراء يايتس الجمالية تتصل بفلسفته هذه اتصالاً منطقَّياً وثيقاً

فغاية الفن استحداث نشوة في النفس الدائمة التقلب مصدرها ما يعرضه الفن من حقائق الكون وعناصره الثابتة

وما دامت هذه هي غايته وهذه هي وظيفته، فلا موضع فيه إذن (لعلم عصره أو سياسته أو فلسفته أو أخلاقياته) لأن هذه الظواهر جميعاً في تطور مستمر، وتغير دائم

وخليقٌ بالفن إذاً أن يرتدَّ إلى روح ماض كان الناس فيه يعبدون الطبيعة، ويدينون بالوثنية، ويعيشون (في عالم يستطيع كلُّ شيء فيه أن يتبدل ويستحيل، ويصير أي شيء آخر؛ وبين الآلهة العظام الذين كانت عواطفهم في الغروب الملتهب، وفي الرعد وفي هواطل الرعود). . . وفي تلك الأزمان (التي كانت الحزمة المسكينة من الَحلْفاء فيها) كما يقول الشاعر (ينظر إليها على أنها كانت يوماً من الأيام. . . إلهة تضحك بين النجوم)

هذه الحقيقة، حقيقة أن الفن لا يكون عظيما إلا إذا اعتمد على أساطير الأقدمين من عَبَدة الطبيعة، وما في عالمها من خصب وغنيً ومن حياة زاخرة فياضة، هذه الحقيقة أدركها (الأساتيذ) العظام جميعاً.

لقد لُخص موقف يايتس فيلسوفاً بهذه العبارة: إنه رجل يعتقد بوجود عالم الغيب)

وحين نشر يايتس لأول مرة (١٩٠٣) كتابه (فكرات عن الخير والشر) أبى بعض ناقديه ومراجعيه أن يسلموا بأن المؤلف يعتقد بالذي يقول. ولكن أن يعتقد الإنسان بما يقول أو لا يعتقد لا صلة له في الواقع، بصواب رأيه أو ضلاله. ولست أدري، مع المستر ريد، لم يعلق الناس هذه الأهمية الكبرى على موقف صاحب الرأي من رأيه. إن العقيدة الفنية على كل حال تتعلق قبيل كل شيء بالجمال. فأيما شيء خاطب شعور الفنان بقوة واستمال خياله بشدّة، مالَ إلى الخروج من عالم الخيال إلى عالم الحقيقة واليقين. (وحسب الشيء أن يكون على درجة من الجمال كافية ليرتدَّ جزءاً من عقيدته، جزءاً من دينه. وهذا هو الذي عناه كيتس حين نطق بقوله المشهور: (الجمال الحق والحق الجمال)).

هذه نظرة سريعة في (و. ب. يتس): عمله وفنه وفلسفته، أرجو أن أكون استطعت فيها أن أعطي القارئ فكرةً حسنةً عنه، وهو الأديب المعقَّد الشخصية، الضبابيُّ المعاني. وأرجو أن يتسع لي الوقت لأترجم لقراء الرسالة بعض آثاره الشعرية والمسرحية. وهنا أحب أن

<<  <  ج:
ص:  >  >>