للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

(هاهو ذا منشدُ دوني!)

ثم يرقصون مثلَ موجة البحر

- ٤ -

وراء كل أدب عظيم فلسفة. والمستر يتس يلخص فلسفته فيما يلي:

(إني أعتقد بتعاطي فلسفة ما تواضعنا على تسمية بالسحر أو ما ينبغي لي أن أسّمَيهُ استحضار الأرواح - وإن كنت لا أدري ما هيه - أو بالقدرة على خلق أوهام سحرية، أو بانكشافات الحقّ في أعماق النفس إذ العين مغمضة؛ وإني لأعتقد بثلاثة مبادئ:

١ - أن حدود النفس في تحوّل دائم، وأن الأنفس الكثيرة تستطيع أن تتصل أو يسيلَ بعضها إلى بعض إن صحّ هذا التعبير، لتخلقَ أو تظُهر نفساً واحدة، طاقة واحدة

٢ - أن حدود الذاكرة هي أيضاً في تحوّل دائم، وأن ذاكراتنا جزء من ذاكرة واحدة كبرى هي ذاكرة الطبيعة نفسها

٣ - أن هذه النفس الكبرى وهذه الذاكرة الكبرى يمكن استحضارهما بواسطة الرّموز

إن هذه (الذاكرة الكبرى) هي مخزن الرموز. وما الشاعر الرمزي إلا ساحر يقوم بدور الوسيط لاستحضار هذه الرموز - هذه الأرواح - ولكنه لا يخلق منها شيئاً. وعلى ذلك فكل ما نحس من عاطفة أو نرى من رأي أو نطلب من هدف ليس لنا، (وإنما صعد من الجحيم أو هبط علينا من السماء)

ولكي يستطيع الشاعر استدعاء هذه المعاني والرموز والعلاقات، ينبغي له أن يجعل نفسه في حالة سلبّية - أن يجعلها كالماء الساكن تنعكس عليه شّتى الصور. قال يايتس:

(كنت ذات مرة أنظم قصيدة شديدة الرمزية والتجريد فاتفق أن وقع قلمي على الأرض، فلما أنحنيت لالتقاطه تذكرت حادثاً من حوادث الخيالات والأحلام ولكنه لم يبد لحظتئذ أنه منها بل كأنه وقع لي فعلاً. فلما سألت نفسي متى حصل هذا الحادث وجدت أني إنما كنت أتذكر أحلامي في عدة ليال. ثم حاولت أتذكر ما فعلته في اليوم السابق، وما فعلته في الصباح، فلم أستطيع، إذ كانت حياة الوعي واليقظة قد غادرتني كلها، وما استطعت ذلك إلا بعد جهد شديد، فلما تذكرتها غادرتني بدورها حياة الأحلام التي هي أقوى من حياة الوعي وأروع. فلو لم يسقط قلمي لما فطنت قط إلى أن التأمل استحال غيبوبة)

<<  <  ج:
ص:  >  >>