تكون قد اشتقت من صورة سابقة من صورها الأخرى. فما هو مصدر تلك الطاقة التي تدير الأحياء وتحركها وتعمل فيها؟
لقد أثبت علم الفسيولوجيا بالأدلة والاختبارات والمشاهدات القاطعة أن جميع القوى التي تعمل في الإنسان وباقي الكائنات الحية تنتج من احتراق المواد الغذائية داخل أنسجة الجسم وفي خلاياه، وما الغذاء إلا وقود الكائنات الحية يحترق فيها ليولد الطاقة والحرارة اللازمتين لأعمال الحياة كما يحترق الفحم أو البترول في الآلات الميكانيكية لإدارتها؛ وما الحيوانات والنباتات إلا آلات تحول الطاقة الكيميائية الكامنة في مادة الغذاء إلى طاقة ميكانيكية كالحركة وإلى حرارة وإلى كهرباء وضوء في بعض الحيوانات
وقد أراد علماء الفسيولوجيا أن يتحققوا مما إذا كانت العوامل الطبيعية، وبعبارة أدق الطاقة الناتجة من احتراق المواد الغذائية في الأحياء هي التي تدير بمفردها الكائنات الحية وتعمل فيها، أم أن هناك عوامل أخرى من وراء الطبيعة تشترك معها في ذلك. فمن أجل ذلك صنع اثنان منهم وهما الأميريكيان أثوثر وبينديكت جهازاً خاصاً هو عبارة عن كالوريمثر كبير مركب تركيباً دقيقاً من مواد تحفظ الحرارة وتمنع تشععها إلى الخارج وهو في الوقت نفسه يقيس أقل كمية من الحرارة توجد فيه مهما صغرت. ووضعا فيه شخصاً وأحكما غلقه عليه، ويخترق هذا الكالوريمتر تيار من الهواء يمر في أنابيب مصنوعة خصيصاً ومركبة عليها آلات للتحليل والقياس فيقيسون مقدار ما يدخل من الهواء وما يشتمل عليه هذا الهواء من الأكسيجين وغاز حامض الكربونيك، وكذلك مقدار الهواء الخارج من الجهة الأخرى وما نقص منه من العنصر الأول، وما زاد عليه من الغاز الثاني، والفرق يدل بطبيعة الحال على كمية ما احترق مدة العملية داخل جسم الشخص الجالس في الكالوريمتر من المواد الغذائية المدخرة في أنسجته وخلاياه، ذلك لأن كل احتراق حتى في الجمادات يستهلك الأكسيجين ويفرز غاز الحامض الكربونيك
ومن جهة أخرى يقيس الكالوريمتر كمية الحرارة التي تتشعع من جسم ذلك الشخص، والحرارة التي تتحول إليها في النهاية الحركات المختلفة التي يقوم بها كحركاته الذاتية، وكحركات أعضائه الداخلية كالقلب والرئتين.
فكانت النتيجة أن الطاقة (الحرارة) التي تنتج من احتراق المواد الغذائية المدخرة في الجسم