المستوحش وفي البسطاء تتراجع الجبهة إلى الوراء. انضماراً لان هذا الجانب من المخ لديهم لا يستكمل نماءه. ومن العجيب المستغرب إن هذه المراكز إذا أصابها تلف بخراج أو سلعة نهض جانب آخر من المخ ليتولى التفكير مكانه.
ولقد ورث كثير من العبقريين رؤوسهم من بعد موتهم للعلم ليفحصها رجل الطب. من أولئك الكاتب الفرنسي الكبير اناتول فرانس، كانت لفات مخه عظيمة وخلاياه السمراء كبيرة كبراً غير عادي. كذلك لينين، مؤسس الجمهورية الروسية وواضع البلشفة، جزئ مخه ٣١٠٠٠ جزءاً، فحصت جميعها.
كذلك (ترجوينف) الروائي الروسي كان له مخ من اكبر الأمخاخ المقيسة، كانت زنته اكثر من أربعة أرطال. ومع هذا فحجم الرأس ليس مقياساً دقيقاً مطرداً للذكاء، دليل ذلك إن من الأمخاخ المعروفة مخين زادا وزناً عن مخ (ترجوينف) وكان أحدهما لأبله. وإذا زاد مخ عن مخ فليس معنى هذا زيادة في عدد وحداته فالوحدات سواء وإنما تزيد الوحدة عن أختها حجماً ووزناً.
وفي النصف الخلفي للرأس توجد مراكز الإبصار، فإذا نمت فيها نامية أو أصابتها اصابة، سببت العمى. وجزء المخ المجاور للأذن يحكم السمع، وأمام الجزء الأسفل لمراكز الحركة يوجد مركز الصوت، فنحن نسمع الكلمات مقولة بجزء من المخ، ونراها مكتوبة بجزء آخر، ونقولها بجزء ثالث
وإذا حدث اضطراب لأي من هذه المراكز، حدثت أحداث غريبة. كان أستاذ يحسن اللغتين الإغريقية واللاتينية، فأصيب في حادث بضربة على رأسه فلما أفاق واشتفى مما أصابه وجد انه فقد اللغتين جميعاً وعبثاً حاولت أن تسترجع ذاكرته كلمة من ايهما، وذلك إن خلايا مخه التي تختزنهما أصابهما التلف لا إصلاح لها.
وفي حادث آخر انسد شريان دقيق يحمل الدم إلى بعض الخلايا المخية بمنطقة الإبصار من رأس امرأة مثقفة، وما أمسى الليل وانفلق النهار بالنور حتى وجدت هذه المسكينة أنها عجزة عن القراءة وأصبحت الكتب لا تحمل إليها من المعاني اكثر مما تحمله إلى الفلاح الأمي. كانت تنضر إلى الكلمة فتراها رسما لا صلة له باللغة. أصابها عمى الكلم وعلى هذا المثال يحدث صمم الكلم. تصاب الخلايا الخاصة به فيسمع المنكوب كل الأصوات،