فالمؤلف الفاضل قد حفِل لكتابه، ووفر له من المادة والمعلومات ما يكافئ خطر الموضوع الذي يعالجه، وهو موضوع مجهول في أكثر نواحيه من قراء العربية على شدة الحاجة إليه والرغبة فيه، ولقد وضع المؤلف كتابه على نسق قويم من النظام المرتب، والتقسيم المبوب، فهو يشتمل على ستة أبواب، وكل باب يشتمل على جملة فصول؛ ففي الباب الأول تكلم عن النظام وأثره في نهضة الأمم، وعلاقته بالفرد والمجتمع ومظاهره في الأمم الراقية في القديم والحديث، ومدى حظنا من ذلك، والوسائل التي تأخذ بأيدينا إليه، ولم ينس في ذلك القرية المصرية وإصلاحها الاجتماعي، ووسائل الثقافة العامة للشعب. وفي الباب الثاني تكلم عن سلامة الدولة، وتعاون الشعب والبوليس على حفظ الأمن والنظام واحترام القانون. ثم تكلم في الباب الثالث عن نصيب الجمهور في مكافحة الأجرام ووقاية الأمن من الجرائم والمعاونة على ضبط الحوادث. وفي الباب الرابع تناول الكلام على نظام المرور في الأمم الأوربية ومدى اهتمامها بشأنه وحاجتنا إلى الأخذ بنظمهم ووسائلهم. وفي الباب الخامس تكلم عن التدريب العسكري والتربية البدنية في المدارس والمعاهد والجامعات والمناهج التي قررتها وزارة المعارف في ذلك. فلما كان الباب السادس وهو آخر أبواب الكتاب تحدث المؤلف عن مفاخر الجيش المصري، فجاء في ذلك بعرض تاريخي شامل من عهد الفراعنة، أيام تحتمس الثالث حتى أيام جلالة الفاروق حرسه الله، إذ جعل للجيش من عنايته ورعايته أكبر نصيب، فسار الجيش في طريق النجاح إن شاء الله
وقد زّين المؤلف كتابه الفاضل بكثير من الصور والرسوم، يوضح بها فكرته، ويشرح غرضه، وعنى على الخصوص بالصور الشمسية لأسلحة الجيش الحديثة في نظامه الجديد، فجاء الكتاب في بابه وافياً يشبع العقل، أنيقاً يمتع الذوق. وإنها ليد كريمة أسداها المؤلف لأمته، وبرنامج شامل وضعه للذين يعنيهم الترقي بالأمة المصرية في مدارج الرقي والنهوض، والأخذ بأسباب النظام والقوة والبناء السليم. وإنا لنرجو أن يكون المؤلف الفاضل قدوة صالحة لإخوانه ومن هم في مثلعمله ممن يحصرون مواهبهم ومعلوماتهم بين جدران الوظيفة، وفي حدود الرسميات، وإنها لحدود ضيقة تقتل المواهب وتودي بالنبوغ، وإن من الخير لأنفسهم ولأمتهم أن يجلوا معلوماتهم وتجاربهم للناس فيفيدوا ويستفيدوا