وبصق بصقة أخرى. وكان يتكلم دون أن يلتفت ناحيتي. ولكني كنت متأكداً أن الكلام موجه إلي إذ لم يكن في القهوة غيرنا. فرأيت من باب المجاملة أن أعير حديثه اهتمامي. وقلت:
- جميع مصالح الحكومة بايظة.
فاحتد في كلامه وهو ينظر أمامه دائماً وقال:
- الا هذه المصلحة. إنها ليست بايظة فقط. إنها غير موجودة. . . . . أتصدق أنهم يرفضون شهادتي الرسمية بأن الكلب غير مكلوب وأنه ليس من الكلاب الضالة، ويقولون أن الإجراءات يجب أتتبع مجراها. إجراءات؟ هه!. . سأريهم كيف تتخذ أمثال هذه الإجراءات معي ومع كلبي. سأريهم. .!
وضرب بشدة على المائدة والتفت إلي هذه المرة وعيناه تشعان باللهيب وقال:
- لقد أرسلت عريضة اليوم إلى وزير الحربية لتخلية سبيل كلبي في الحال. . في الحال.
فأجبته على الأثر.
- حسناً فعلت.
وفي الغد سافرت مع فرقة من طلبة المدرسة إلى الصعيد وقضينا هناك أسبوعاً كاملاً نتنقل بين ربوعه متفرجين على آثاره العظيمة. وفي اليوم التالي لعودتي إلى القاهرة قصدت إلى قهوتي المعروفة. فرأيت عويسا جالسا القرفصاء على الأرض بجوار إحدى الموائد وأمامه صندوقه ينتظر زبائنه. فناديته وسألته على الفور.
- ماذا جرى لكلب أسعد بك؟
فابتسم ابتسامة عريضة وقال:
- تعيش أنت!
- قتلوه؟
- منذ أربعة أيام.
ألم يدفع أسعد بك المبلغ؟
- يدفع المبلغ! انه يرضى أن يدفع لهم عينيه! ولا يتجاوز لهم عن الجنيه.
وشاهدت أسعد بك آتيا صوب القهوة يتوكأ على عصاه الغليظة ويسير في ثقل وإعياء، ولما