للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منذ أعوام كانت خراجات المخ تحتسب من العلل الوبيلة التي لا رجاء فيها، وكانت جراحات المخ تنتهي بالموت بنسبة لا تقل عن ٨٥ في المائة. أما اليوم فقد تحسنت طرقها واحكم تفصيلها وجد الطب في استبانة عللها قبل أن تشب، فزاد عدد الناجين من الموت الذي كان محققا بالأمس زيادة تطرد على السنوات.

وقد ثبت إن ١٠ في المائة من المجانين يختل صوابهم من جراء إصابات تقع لرؤوسهم. وقد ثبت إن رجالا محترمين موقرين استحالوا أشراراً مجرمين بسبب صدمة أو دقة على رؤوسهم آذت أمخاخهم. ومن الغريب إن نتائج هذه الصدمات قد لا تظهر إلا بعد أسابيع من وقوعها. مثال ذلك إن رجلا من أهل السواد أصابته رصاصة ضلت سبيلها ودخلت من مؤخر رأسه، فأسرعوا به إلى المستشفى وكان أول ما يعمل لفحصه بطبيعة الحال تصوير رأسه بأشعة س، ولكن كان وقع بالمستشفى حريق في أيام قريبة سابقة فقضى على جهاز الأشعة، فلم يجرؤ الجراح على سل مشرطه وهو لا يعلم موضع الرصاصة، فتركت حيث كانت وتعافى المرض ظاهرا وغادر المستشفى، ولكن بعد سبعة أسابيع اخذ بصره يضعف وآذن بالعمى، فعاد إلى المستشفى فصوروا رأسه فتراءى لهم إن الرصاصة صارت في المخ رويداً حتى حلت منه في موقع الأبصار، ولما انتزعوها عاد إلى الكفيف بصره

وغير هذا ما حكاه السير (وليم هويلر) الجراح الايرلندي الشهير، ذكر إن الرصاصة دخلت راس رجل وضلت هناك أربع سنوات حتى سكنت من المخ حيث تترابط الأفكار فأصابت ذاكرته وبصره وسمعه وأخرجت فعادت إليه كل هذه جمعاء.

ومن ذلك قصة طفل في الشهر الحادي عشر من عمره، سقطت على رأسه لَبِنة فكسرت جمجمته، فكانت تأتيه لهذا السبب ارتجافات عنيفة، ثم انقطعت. ولما بلغ عامه السابع عشر أخذ ينتابه صرع شديد اشتفى منه بإحدى براعات الطب أتاها الدكتور (شارل هرِس) من (تكساس) بأمريكا. ذلك أنه ارتأى أن الصرع جاء من ضغط العظم الصديع على المخ، ففتح الجمجمة فتحة أطالها وراء الرأس من الأذن إلى الأذن على شكل حذاء الفرس، ثم رفع الجمجمة، وقطع شريحة دهنية من فخذ المريض فوضعها تحت عظام الرأس حيث الصدع لتفعل فعل الوسادة فتلقى الضغط دون المخ. وقد نجحت العملية نجاحاً تاماً وزال الصرع وعاد الشاب إلى مدرسته يستعد للحياة استعداد أقرانه، ويأمل منها مثل آمالهم عمراً

<<  <  ج:
ص:  >  >>