والشراب قد يكون شره البطن وقد لا يكون
ومن أجل شهوة تذوق الأمور بفنه أشك في أن البحتري قد تعمد أخْذَ كل ما أخَذَ من، المعاني فقد تكون شهوة التذوق بالعاطفة الفنية هي التي ساقته إلى هذه المعاني سواء أكان قد اطلع عليها أم لم يطلع وهي على أي حال مفردات. ومن قصائده المشهورة في الوصف قصيدة ووصف آثار الفرس الفنية التي يقول في أولها (صنت نفسي عما يُدنَّس نفسي) وقصيدته في وصف بركة المتوكل التي يقول فيها:
كأنما الفضة البيضاء سائلة ... من السبائك تجري في مجاريها
إذا علتها الصَّبا أبدت لها حبكا ... مثل الجواشن مصقولاً حواشيها
فحاجب الشمس أحياناً يضاحكها ... ورَيِّقُ الغيث أحياناً يباكيها
إذا النجوم تراءت في جوانبها ... ليلاً حسبتَ سماَء ركِّبتْ فيها
ومن أوصافه المعروفة وصفه الشقائق في الأبيات التي يقول فيها: (سقى أكناف الحمى من محلة) وقصيدته التي يصف فيها الربيع وآثاره وفيها يقول:
وقد نَبَّهَ النوروزُ في غلس الدجا ... أوائلَ وردكن بالأمس نُوَّما
يُفَتَّقها برد الندى فكأنه ... يبثُّ حديثاً كان قبل مُكَتمَّا
وله قصيدته البائية المشهورة في وصف صيد الفتح بن خاقان للأسد، والدالية التي فيها وصف لقائه (أي البحتري) الذئب في البيداء، ويعاود وصف الربيع كما فعل في قصيدته الرائية التي يقول فيها: (ألم تر تغليس الربيع المبكر) والميمية في وصف قصري المتوكل الصبيح والمليح وهي التي يقول فيها:
حلل من منازل المُلكِ كالأنجم ... يلمعن في سواد الظلام
وقصيدته في وصف البيان وهي التي يقول فيها:
لتفننتَ في الكتابة حتى ... عَطَّل الناس فن عبد الحميد
وهي مشهورة. وله أوصاف أخرى منتشرة في قصائده من وصف للنبات والطبيعة أو للحروب وآثارها مثل القصيدة الفريدة التي يقول فيها:
أسيت لأخوالي ربيعه إذ عفت ... مصايفها منها وأقوت ربوعها
ومراثي البحتري مراثي صنعة تكاد تغطي على الصنعة لأن العاطفة الفنية فيها تغنى على