قتلت أباه بغير الحق وصَبَت قبل ذلك إلى عشيق مجرم من أعداء أسرته وآذت أبناءه وأهدرت كرامتهم فهي لكل ذلك تستأهل أن تقتل، بل يجب أن تقتل بيد أبنها، فإذا هم أبنها بقتلها وتوسلت إليه بدموعها مرة وثدييها مرة أخرى خشيت (إلكترا) - وهذا هو اسم الدراما - أن يضعف أخوها أو أن يستخذى فحضته على قتل أمه - وأمها - (لأنها لم ترحم أحداً من قبل!)
وهكذا صور سوفوكليس الناس كما ينبغي أن يكونوا، ولم يلف طويلاً كما صنع إسخيلوس. . . أما كيف أتقى ثورة الناس لإهماله شريعتهم الأسطورية فقد كانت حجته أن في الأساطير ما يذكر أن ديانا قد أنقذت الفتاة إفجنيا من الذبح وذلك بفدائها بذبح عظيم على نحو ما نعرف من قصة إبراهيم وولده إسماعيل. . . لذلك كان حنق كليتمنسترا في غير موضعه، وكان باطلاً كل ما كانت تبرر به مسلكها نحو زوجها، وكل ما ترتب على هذا المسلك من نتائج
وليس من عيب في مأساة إلكترا إلا ما أقحمه فيها سوفوكليس على لسان الرسول من وصف الألعاب البيثية وصفاً طويلاً يفضي إلى الإملال.
٢ - أجاكس:
قد تكون مأساة أجاكس أقدم ما وصلنا من درامات سوفوكليس سليما كاملا. . . وهي مثل إلكترا يصادفك فيها المعجب المطرب من الفكر الرائع والفن البارع، كما يصادفك المشهد السمج والحوار الثقيل خصوصاً إذا كان ذاك المشهد أو هذا الحوار فيما يتعلق بتقليد يوناني تطاول عليه العهد فلم يعد سائغاً عندنا اليوم
بعد مقتل أخيل بطل أبطال اليونانيين اتفقت الآراء على ان تُمنح دروعه وعدته الحربية التي صنعها له فلكان الحداد إله النار لأشجع الأحياء من أبطالهم المحاربين، وبالرغم من أن أجاكس كان أشجعهم جميعاً فقد رأى القضاة أن يخلعوها على أودسيوس لأنه كان إلى شجاعته أبرع اليونانيين حيلة وأكثرهم حكمة. . وكان ينبغي أن يخضع أجاكس لهذا الحكم، إلى أنه ثار وتولاه الغضب واعتزم أن يقتل القضاة الظلمة الذين جرحوا كبرياءه بما فضلوا عليه أوديسيوس. . . لكن أثينا (مينرفا) التي كانت تحابي أوديسيوس دائماً، لم تدعه يفعل، بل أسلمته لطائف من المس وفورت من الجنون، فامتشق سيفه وراح يقتل قطعان الشاء