قوله، وكان في حماسته يحرك رأسه ولحيته الطويلة بشي من العنف ويرفع رأسه عالياً مع ما في ظهره من انحناء الشيخوخة: قال (لا تغضب من الحق.) وان شئت أن تغضب ففكر في العاقبة قبل أن تخطو في سبيلك خطوة واحدة. إنني أحذر. إنني انذر. والبلاد كما ترى في اشد حالات الاضطراب والفوضى وقد صارت كالنسر المجرد من ريشه أو الأسد الذي قلمت أظافره).
فعاد الملك إلى مقعده وأن أنة أخرى اعمق من الأولى واشد مرارة ثم استمر الكاهن فقال:
(ومع ذلك فأسمع قصة قصيرة قد تكون مغنية عن قول كثير. إننا نحتفل اليوم بعيد اختيار آمون لجد زوجتك الملكية، الملك تحوتمس الثالث. ولقد كان ذلك الملك العظيم كما تعرف غير مرشح للملك لانه ابن محظية لا تجري في أمه دماء الآلهة. ولكن آمون رضى عنه ومال إليه في أول دورة، ووقف أمامه في يوم احتفال كهذا. فاظهر بذلك ارتياحه إليه وصار المُلك من ذلك اليوم اليه، فتنحى أبوه عن الملك وتنحى أخوه بل لقد تنحت أخته نفسها وهي التي تجري في عروقها دماء الآلهة. أتعرف هذا؟)
فتمتم توت عنخ قائلا (نعم. اعرفه) فقال الكاهن (وإذاً فلك الخيار. سأقول اليوم كلمتي إذا ما خرجنا من هنا على مسمع من رجال الدولة والكهنة والأمراء. وإذا شئت فارفض ما أقول)
قال هذا ثم نهض رافعا رأسه واتبعه الملك الصغير مطأطئ الرأس حزيناً ولما مر (توت عنخ) على مقربة مني وقعت على وجهه شعاعة من ضوء الذبالة فإذا على وجنته دمعة تترقرق وتلمع في الضوء الخافت.
ولما بلغ الكاهن الأعظم مكان المحراب عرج عليه لكي يؤدي فرضاً من الفروض المرسومة وألقى بعض البخور في المجامر المتقدة ثم سار وراء الملك حتى بلغا الفناء الفسيح في وسط الهيكل، وكان هناك الحشد الحافل من أهل الدولة والكهنة والقواد والأمراء فخروا جميعا للأذقان سجداً يتلقون الملك والكاهن الأعظم، ثم جلس الملك على عرش منصوب في الصدر، وقام الكاهن الأعظم فألقى كلمة قصيرة قال فيها:
(أيها القواد العظام والأمراء الكرام! لقد دخل الملك العظيم ابن الآلهة إلى قدس الأقداس وتجلت له أسرار آمون وظهر من إيمانه وبره ما جعل الإله العظيم يتجلى له. ولكن تجلى