للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

في أمر احمد بك عبد الغفار قائمقام السواري إذ فصله رفقي وعين مكانة الجراكسة، وكما حدث في نقل عبد العال حلمي إلى عمل في الديوان ووضع جركس آخر طاعن في السن محله

أما عن الجند فقد كانت الحكومة تسخرهم في أعمال لا تمت إلى الجندية كحفر الترع والزراعة في أراضي الخديو وغير ذلك. ومما يذكر عن عرابي هنا أنه عارض معارضة شديدة في أن يعمل جنوده في حفر الرياح التوفيقي؛ وهو موقف من مواقف شجاعته، تلك الشجاعة التي يأبى خصومه أبداً إلا أن يروها تهوراً، والتي نراها في أكثر الأحوال على خير ما تكون شجاعة الرجال ذوى الحمية والإخلاص. . . وأي مأرب في هذا الموقف؟ وفيم تكون معارضته في أن يسخر جنده في مثل تلك الأعمال إن لم يكن مبعثها الإنصاف والغيرة؟ وما يكون إنصافه وغيرته في موقف كهذا إلا بسالة وإقداماً

تلك هي المشاكل العسكرية. ولو أن تلك المشاكل عولجت بما يقتضيه العدل لما قدر للحركتين أن تلتقيا فتكون منهما تلك الثورة التي اقترنت باسم عرابي. ولكن كان دون علاجها عقبات؛ فهناك تعصب رفقي وغطرسته، وجهل رياض بالشؤون الحربية وترفعه عن هؤلاء الفلاحين من الجند لأنه يترفع عن الفلاحين جميعاً. ثم هناك دسائس الجراكسة في الجيش وكيدهم للمصريين ذلك الكيد الذي لا يفتر

وكان عرابي في أوائل عهد توفيق قد أخذ يتصل برجال الحركة الوطنية، أو على الأقل أخذ يتصل بالحركة نفسها؛ وهو من أول نشأته متحمس لبنى وطنه، وشارك عرابي في هذه النزعة الوطنية بعض ضباط الجيش. ولا غرابة في هذا فإن المسألة العسكرية في وضعها هذا كان لابد أن تدب إليها الروح الوطنية فتكون في مظهرها أمراً متعلقاً بالجيش بينما هي في الواقع كانت شعبة من تلك الحركة العامة التي كانت تشغل أذهان المصريين منذ أواخر عهد إسماعيل

وكان طبيعياً أن تبدأ المتاعب من جانب الجيش وقد أخذت رجال الحركة الوطنية حيرة منذ أن استقال شريف. ولقد كانت مسئولية الحكومة عن هذه المتاعب وتعقدها مسئولية جسيمة هي عندي من أكبر سوءات ذلك العهد. . .

على أن عرابياً نفسه قد رقي في أول عهد توفيق إلى مرتبة أميرالاي، ومع ذلك فقد أدت

<<  <  ج:
ص:  >  >>