للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وحل رياض محل شريف فآلم ذلك دعاة الحركة الوطنية وأزعجهم أن يروا رياضاً يجارى الخديو في استكثار الدستور على المصريين فيقنع بما لا يقنع وطني مكتفياً بمبدأ مسؤولية الوزارة عن أعمالها مستغنياً عن مجلس شورى النواب الذي يحرص عليه الوطنيون كل الحرص

وجاء قانون التصفية فازداد الوطنيون به آلاماً على آلامهم، ورأوا ما فيه من غبن شديد يتجلى في إلغاء دين المقابلة وقد أخذ من جيوبهم كما رأوا ما فيه ما هو أكثر من الغبن ألا وهو عدم التنازل عن شئ من الدين وهم يعلمون كيف كانت تقترض تلك الأموال ومبلغ ما كان يصل مصر منها؛ وهم يعلمون كذلك مجازفة الأجانب بأموالهم مما يحملهم كثيراً من المسئولية. هذا إلى أنهم رأوا مرتبات الموظفين من الأجانب في الحكومة المصرية تبقى على حالها من الارتفاع فلم يدر يخلد من قاموا بالتصفية أن يراعوا ذلك في قرارهم فينزلوا بها إلى الحد اللائق

تلك هي الحركة الوطنية أو تلك هي نذر الرجفة. أما الحركة العسكرية فأول ما نتحدث به عنها أنها بدأت كذلك في عهد إسماعيل وتجلى أول مظهر من مظاهرها في تلك الحركة التي اعتدى فيها فريق من الضباط على نوبار أمام وزارة المالية عام ١٨٧٨م. وكان ما دفع الضباط إلى تلك الحركة ما لحقهم بسبب الارتباك من الاستغناء عن عدد منهم ومن تأخر مرتباتهم عنهم بينما كان الجراكسة في الجيش لا يلحق بهم شيء من هذا. . .

ولقد استغنى عن عدد كبير من الجند في أوائل عهد توفيق حتى نزل عدد الجيش المصري عما اتفق عليه أخيراً في بداية هذا العهد. وولى وزارة الجهادية في حكومة رياض عثمان رفقي الجركسي فكأنما جعل أساس سياسته الكيد للمصريين ما وسعه الكيد؛ فلقد راح يذيقهم من نكاله بقدر ما راح يفيض على الجركس من عطف وإحسان. ولم يكن ذلك عجيباً من جانبه ففي دمه ما في دم جنسه من بغض قديم للمصريين الذين كانوا في رأيهم فلاحين لا يصلحون إلا ليكونوا عبيداً

وكان طبيعياً أن تقتصر الترقيات في الجيش على الجركس. وراح عثمان رفقي يعد مشروع قانون يمنع به ترقية الجند من تحت السلاح لكي يبقى العنصر الجركسي في الجيش هو العنصر السائد. أما عن كبار الضباط فقد بدأ يقصيهم عن مراكزهم كما حدث

<<  <  ج:
ص:  >  >>