للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ثم يذهب بالجنيه ولا يعود.

وهذه الأعمال لها نظائر وأشباه بالقياس في أعمال الناس الجليلة الكبيرة المشروعة المحترمة. فالحذر عند ادعاء الانخداع ضرورة. أما أن يفتخر المرء بأنه لا يستطيع أحد أن يخدعه فإذا كان يراد به التملق لمن يتظاهر مع ذلك بالانخداع لهم فهو دهاء، ووسيلة كسب بالمكر. أما إذا أريد به مضايقة الناس وتحريك عوامل خوفهم وبغضهم فهو سذاجة أو بلاهة، ولا شيء يدعوا إلى الفشل في الحياة كاعتقاد الناس في إنسان أنه لا ينخدع، ولا يدعي الانخداع؛ وهذا الاعتقاد يؤدي إلى بغض الناس من يعتقدونه فيه حتى وأن كان اعتقادهم باطلاً لا أساس له، وهذا التظاهر بالانخداع هو ما جعله أبو تمام من أسباب السيادة وسماه بالتغابي في قوله:

ليس الغبيُّ بِسَيَّدٍ في قومه ... لكنَّ سيد قومه المتغابي

وتبعه البحتري فقال:

وقد يتغابى المرء في عَظْمِ مَالِهِ ... ومِنْ تحت بُرْدَيْهِ المُغيَرُة أو عمرو

عبد الرحمن شكري

<<  <  ج:
ص:  >  >>