وسأحمل قلبي إلى كل مكان فيها كما تحمل الطير قلوبها إلى كل شجرة. . .
وسأسجل خواطري عنها في كل ساعة تتعرض لي فيها بفتنة من فتونها، وأرصدها وهي يقظة أو نائمة، خَفِرة محتشمة أو عاهرة متبرجة، ضاحكة أو باكية، حبلى مكدودة تعاني آلام الحمل والطلق والوضع أو فارغة خفيفة. . .
لقد احتكرتني لنفسها ولم تدع في قلبي مكاناً لحب غيرها إلا يكون مَرَدُّه إليها وجماله من جمالها
فيا ابن الإنسان! هلم معي إليها. لقد كنت تتخذ الحجارة وكثيراً من الأشياء التافهة آلهة من شدة شعورك بها فتسجد لها. أفلا تصلي معها الآن لربها الذي اهتديت إليه؟
هي لا تزال شاعرة بربها كما كانت وكما تكون. وذهب شعرك أنت بها وبربها. وصرت تسجد لنفسك. فمن يعبدك معك؟ لا شيء. . . أن الحجارة تأبى أن تعبدك كما عبدتها أنت في ضلالك القديم!
١ - قبيل الربيع
الطبيعة تلد من كل جسمها. . . جاء ابتداء دورة زمنية. . . الأجنة تتحرك للانفصال من العالم الغائب. . . الأنواع من نباتها وحيوانها تزدحم لتسير في المواكب. . . يستعرضها صاحب الوقت القائم على الزمان.
أنا لا أشترك في الموكب لأني عقيم لم أقدم قرباناً ما للحياة بإلقاء بعض الأحطاب إلى شعلتها؛ ولذلك جعلتني من الواقفين على هامش طريقها يهتفون لها بالقصائد اللفظية.
لعلها غاضبة عليّ، لأني عاق لها بالعمل، وأن كنت باراً بها في الشعر. أما أبناؤها البررَة فقصائدهم: شجرة أو ثمرة أو ورقة أو زهرة أو فرخ بيضة، أو كتلة لحم تصرخ في أذنها وتتكلم! يقدمون ذلك لها في كل عرس من أعراسها كبرهان ولاء وطاعة وشعر حقيقي. . .
قد يخاف الفيلسوف من موت الثمرات أو مرضها أو فسادها. . . ولكن الطبيعة تود الثمرات ولو كانت معطوبة. تود حياة الأمل والألم لا حياة العقل الجامد. تود أن تسمع عويل الثكل وصوت النعي، كما تود أن تسمع صوت البشير وضجيج الميلاد.
تريد دائماً أَمَّا أن تصرخ في أذنها إما من الطلق والوضع، وإما من الفقد والثكل. تريد