للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما الكتاب فهو محادثات جميلة بينه وبين سيدة لم يذكر لنا من هي، وهو مع ذاك مؤلف جليل فيه عرض وفيه تضمينات، وأقاصيص ونقد، وفيه أخبار ساعدت المتأخرين على معرفة الكثير مما تبعثر أوضاع من درامات يوريبيدز.

أما أبوه فقد كان رجلاً ذا مال من رجال الطبقة الوسطى من أهل فليا، وكان رئيساً لسَدَنة هيكل أبوللو

وكانت أمه (كليتو) من أسرة نبيلة عريقة ذات محتد، ولا عبرة لما ذكره عنها أرستوفان من أنها كانت تبيع الفجل والخس والخضرة في شوارع أثينا، فقد كان أرستوفان هجاء مقذعاً، وسنعرض لما كان بينه وبين يوريبيدز من عداء وبغضاء. . . ثم هي كانت أماً وفية مخلصة لأبنها، حدبة عليه، وكان لها أكبر الأثر في تنشئته. وسترى من روائع هذه الأمومة آثاراً طيبة في كثير من دراماته

وكان يوريبيدز سيئ الحظ في حياته الزوجية. ولم يذكر التاريخ لماذا كان ذلك. . . فقد كانت زوجته الأولى (ميليتية) من عنصر كريم وذات خلق طيب، بدليل أن أرستوفان نفسه لم يجد ما يقدح به فيها، وهو العدو اللدود الساخر الذي كان يتسقط ليوريبيدز كل منقصة

وقد تزوج يوريبيدز مرة ثانية فلم يكن أكثر توفيقاً. . . وربما كان هو نفسه أصل الداء. . . فقد كان أديباً عظيماً وشاعراً عبقرياً؛ وكان فيه انقباض عن الناس وبغض شديد للضوضاء والصخب، وكان يقضي أكثر وقته في غاره المقدس المشرف على البحر يقرأ أو يكتب أو يفكر ويتأمل. . . وهذه حال من الزوج لا تطيقها الزوجة ولا تصبر عليها. . . والأدب الذي أكثره فكر وفلسفة يدل على ما في صاحبه من صرامة وشموس. . . لهذا كان الشغب الطويل بينه وبين كل من زوجتيه، وهو شغب جميل أفاد الأدب وأفاد المسرح، لأنه بدا في أكثر ما ألف يوريبيدز. . . ثم هو شغب خلق من يوريبيدز عدوّاً للمرأة شديد النقمة عليها، كما خلق من الأثينيات أعداء أشد عليه نقمة وأكثر لددا

أما أبناؤه الثلاثة فقد كان أحدهم تاجراً، وكان الثاني ممثلاً؛ أما ثالثهم وكان يسمى باسم أبيه، فقد كان شاعراً يحترف التأليف للمسرح، وقد أخرج ثلاث درامات من تأليف أبيه بعد موته نالت إحداهما جائزة

ولعل أكثر ما نعرف من نشأة يوريبيدز أنه كان يساعد أباه في سدانة الهيكل صغيراً، وأنه

<<  <  ج:
ص:  >  >>