كان رياضّياً ماهراً شابّاً وأنه عمل في الجيش فترة لا هي القصيرة ولا هي بالطويلة. . . وقد تكون حقبة قصيرة بعد سنتي الإجبار يقال أنه عمل أثناءها مجدفاً في إحدى جندولات الأسطول، ثم التحق بإحدى الوظائف القنصلية فترة قصيرة بعد ذلك
أما أصدقاؤه فكان أحبهم إليه أبو زوجته، ولذا كان ألصق به من كل شخص آخر إلا من خادمه أو ناموسه سفيسون الذي لم يكن يبرح منزله إلا لماماً
ومع شدة غرام سقراط العظيم بيوريبيدز فلم يؤثر أن شيئاً من وشائج الصداقة انعقد بينهما، مع أن الفيلسوف الفذ لم يكن يذهب إلى المسرح قط إلا ليشهد درامات يوريبيدز، فيروى أنه كان يتجشم في سبيل ذلك ما ليس يحتمله إلا الأشداء الأقوياء، فكان يمشي الأميال والأميال لكي يصل إلى المسرح ويستمتع بما تفيض به قريحة فخر الشعراء الدراميين كما كان يسميه. هذا ولم يعقد أفلاطون في محاوراته الشائقة حديثاً مّا بين الرجلين، على شدة إعجاب كل منهما بالآخر واعتباره إياه أعظم ذهن يعيش في عصره
وعلى شدة كراهية يوريبيدز للاختلاط بالناس فقد كان له أصدقاء قليلون معجبون به من رجال الفن والفلسفة والأدب، وإليه يعود الفضل في نبوغ الموسيقار الخالد تيموتيرس الذي أوشك مرة أن ينتحر لإخفاقه في توقيع إحدى مقطوعاته لولا أن نشر عليه يوريبيدز ظله، وأخذ يشجعه ويبعث فيه روح الأمل، حتى نبغ نبوغه العظيم.
ومن أصدقائه زعيم السفسطائيين بروتاجوراس (أبديرا٤٨٠ - ٤١٠ ق. م) الذي كان يتجول في الأقاليم اليونانية يحاضر الناس ويعلمهم دروسه في السياسة والاجتماع، ويحارب أوثانهم ويسفه معتقداتهم حتى إذا انتهى إلى (فليا) وعرف يوريبيدز، وخلبه بيانه وسحرته دراماته بما تفيض به من ثورة ونقد لزمه وقرأ في بيته كتابه (في الآلهة) الذي ينكر فيه ذوات أرباب الأولمب (لأني لا أستطيع أن أثبت وجودهم أو أن أنفيه للعوائق الجمة التي تحول دون المعرفة الصحيحة، والتي من أهمها غموض الموضوع وقصر عمر الإنسان!)
وقد ثار الناس ببروتاجوراس وأحرقوا كتابه جهرة في أوسع ميادين أثينا، ورمّوه بالإلحاد، وكادوا يفتكون به لولا أن فر في سفينة إلى صقلية غرقت به في الطريق. وعزا الناس غرقها إلى غضب الآلهة وحنقها عليه. . . ويبدو أنه كان متأثراً بسوفوكليس حين جعل محور فلسفته الإنسان مقياس كل شيء.