للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

عليها الخاصة والعامة، ويأنف أن يكون واحداً في هذا السواد فيسلك طريقاً آخر في الموضوع أو البيان؛ فإن وفق فقد سنّ للأدباء سنة جديدة، ومهّد في الأدب سبيلاً محدثة. وهكذا حتى يظهر أديب آخر يحل هذه الطريقة فيحيد عنها وهلم جراً. وقد يُستطرف بعد أجيال موضوع أو أسلوب بعد أن ابتذل وهجر وهلم جراً.

فهذا الاستطراف والاستهجان له أيضاً أثره في تحوّل الأدب

(ح) النقد

وأحسن المؤثرات في الأدب وأنفعها النقد الصحيح؛ فإن الناس يسيرون على النهج المألوف لا يرون خطأه ولا يبصرون عيبه حتى يرشدهم النُّقّاد فيبيّنوا لهم الخطأ والصواب، والرشد والغيّ، والحسنُ والقبيح في سيرتهم. وإذا تناول النقد مسألة أدبية كشف عن الحق فيها أو ثار حولها الجدال؛ وما يزال المتجادلون حتى تنجلي الحقيقة من تصادم الحج. فالنقد إيقاظ الأفكار النائمة، وتنبيه الآراء الغافلة، ومثار جدال تتبين فيه الحقائق إذا صحبه الإخلاص وقارنه الصدق

(ط) المكافأة:

وتحريض أصحاب المواهب على الإنتاج بالاعتراف بفضلهم والإشادة بأعمالهم أو منحهم الأموال التي تعينهم على الفراغ للأدب وإتقانه، مما أجدى على الأدب في عصوره، وحفز همم الشعراء والكتاب إلى الإجادة والإبداع؛ ولذلك نرى تاريخ الأدب وكبار الأدباء متصلاً بالملوك والأمراء والكبراء الذين أثابوا القائلين على إحسانهم وحثوهم على الازدياد

وإذا نظرنا إلى تاريخ الخلفاء العباسيين وما أفادوا الأدب بمثوبتهم الشعراء والكتاب ونظرنا إلى تنافس ملوك المسلمين في المشرق والمغرب في الاستكثار من الأدباء حولهم وتزاحم ملوك الطوائف في الأندلس على الاستئثار برجال الأدب - عرفنا كيف يُجدي التحريض والمكافأة على الآداب. وحسبنا أن نتذكر ازدحام الشعراء والأدباء حول سيف الدولة الحمداني حين رأوا فيه أميراً ألمعيا وفتى عربيا يجزل الثواب ويسخو بالمال

هذه من أسباب تغيّر الأدب. والباحث في الأدب العربي يستطيع أن يتبينها في أطوار كثيرة منه؛ فإذا بحثنا في صور الأدب العربي في الجاهلية وما فعل بها الإسلام، ثم نظرنا

<<  <  ج:
ص:  >  >>