الوليد)، وديوان المتنبي وسماه (معجز احمد) وتكلم على غريب أشعارهم ومعانيهم ومآخذهم من غيرهم وما أخذ عليهم وتولى الانتصار لهم والنقد في بعض المواضع عليهم والتوجيه في أماكن لخطئهم) فهذا التفصيل وهذه الإطالة في شرح محتويات هذه الكتب تدل على الاطلاع أو تفهم القارئ أن الكاتب واثق من قوله. فهو يقول اختصر كل ديوان من الدواوين الثلاثة ولم يقل إنه أخذ محاسن أبي تمام والمتنبي في كتابية عنهما واكتفى بعيوب البحتري في كتابه عنه، بل قال إنه ذكر للثلاثة محاسن ومساوئ، وذكر للثلاثة أخطاء وعيوباً ودل على ما امتاز كلّ به من المعاني الخ، ومع ذلك مَيَّزَ بينهم في عنوان كل كتاب، وهذا التميز هو الذي عنيته بنقدي. على أنه لو صح أن ابن خلكان أخطأ في شرح هذه الكتب وكان كتاب المعري عن البحتري مقصوراً على العيوب والمساوئ ولم يقصر المعري على مساوئ أبي تمام والمتنبي الكتابين الأخريين لكان هذا ظلماً من المعري للبحتري، إذ أن لأبي تمام والمتنبي مثل هذه الأشياء التي ذكرها الأستاذ الجليل القطان فَلَمْ نُرَجَّحْ إذاً أنه قصر الكتاب على عيوب البحتري لهذا السبب وأخذنا بوصف ابن خلكان محتويات الكتاب والتمييز في العنوان بالرغم من ذكر المعري مساوئ شعر أبي تمام والمتنبي في كتابيه عنهما - وإذا لم يكن غير نسخة واحدة في مصر من كتاب عبث الوليد مأخوذة بالتصوير الشمسي فهذا قلة استيفاء بحثها. ومما جعلنا نصدق قول ابن خلكان ومن قال مثل قوله علاوة على الأسباب المتقدمة أننا لم نستكثر على المعري ألا يقدر صنعة البحتري قدره حكمة المتنبي في شعره الذي سماه معجزة احمد. ومما يدل على ذلك أيضاً أنه لم يمدح شيخ البيان أبا تمام كثيراً في عنوان كتابه إذ جعله ذكرى، والذكرى لا تقارن بالمعجزة. وقد سُمِعَ عن المعري انتقاص للشعراء الذين يهتمون كل الاهتمام للصناعة والأسلوب الخطابي، فقد روى أنه قال عن شعر محمد بن هاني الأندلسي:(إن شعره كطاحونة تطحن قروناً لإحداث قعقعة) وابن هاني الأندلسي له شعر يقارب طريقة أبي تمام ومسلم بن الوليد التي احتذاها البحتري أيضاً ولم نستبعد أن يكون صاحب اللزوميات التي ملأها تفكيراً في معضلات الحياة قد صنع ما نسبه إليه ابن خلكان وغيره من مؤلفي السَّير وقدَّم التفكير على الصنعة في الشعر وجعل الصنعة عبثاً إذا قورنت بالحكمة وإن لم تكن عبثاً إذا لم تقارن بها. ومما ينبغي أن نلاحظه أنه كان في نفس المعري كما كان في نفس