إمدادها بالإعلانات، ولكنه دهش وتعجب حين قال له صديقي: إن الأساتذة تيمور، وطليمات، والحكيم، ورمزي، وناجي، ورستم، وفارس، أجمعت أقلامهم على طلب إصلاح الفرقة، وقد عددوا وسائل الإصلاح وأبانوا مواطن الضعف، وقد فعلوا ذلك لا طمعاً في أجر ولا رغبة في انتقام. فأجاب: إنه لم يطلع على ما كتبه هؤلاء الأساتذة!!
نعود إلى موضوع أحاديث الأدباء فنجمل أجوبة الأستاذ بشر فارس، وقد سألناه: هل المسرح في تقدم؟ وهل الروايات المترجمة أنفع لنا أم المؤلفة؟ وهل في المباراة ما يحفز المؤلف على التأليف؟ فأجاب:
(إن المسرح عندنا لا يزال في جانب النشأة، حتى جانب التكوين لم يبلغه، فكيف لنا أن نتكلم عن تقدمه أو تأخره؟ إنه يحق لنا أن نلقي مثل هذا السؤال: هل المسرح عندنا متجه في نشأته اتجاهاً مرضيَّا؟ والجواب قريب ذلك أنه لا بد للمسرح أيام قيامه من عناصر معروفة، منها المسرحيات المؤلفة والممثلون والممثلات والنظارة والمخرجون والناقدون. فإذا نظرنا إلى ما بين أيدينا في مصر وجدنا المسرحيات المؤلفة (ما عدا واحدة أو اثنتين (أهل الكف) لتوفيق الحكيم مثلاً) بعيدة عن طرائف الفن الخالص، بل مجراه على أسلوب طفلي، لأن المقدمين على التأليف المسرحي يجهلون مبادئ هذا الفن ويظنون أن اللغو والخطابة والنواح والتعريض والوعظ غاية الغايات. وإن كان لدينا ممثلون لهم دراية، قلت أو كثرت، بفن التمثيل فإن ممثلاتنا إلا أقلهن إنما يرين أن التمثيل إلقاء وهياج لقلة ثقافتهن وعجزهن عن الاتحاد بالنص. وأما النظارة فقد تعودوا مشاهدة لونين من المسرحيات: المهزلة التهريجية، والمأساة المفرطة، وكلتاها من النوع الأسفل، كما أنهم تعودوا الإخراج الواقعي، فمن المتعذر عليهم أن يميلوا إلى المسرحيات الضاربة إلى التفكير أو الشعر أو الاختلاج الباطني أو إلى الإخراج الإيهامي. ثم إن للفرقة مخرجاً أجنبياً وكان لها فيما قبل مخرج مصري حاذق هو الأستاذ زكي طليمات، ولكن الإخراج مرتبط بالمسرحية نفسها والممثلين والنظارة. وأما النقاد فلا أكاد أرى اثنين يحق لهم أن يعالجوا الكتابة في المسرح)
وقال رداً على السؤال الثاني:(الترجمة أولاً حتى يتهذب النظارة ويظفر المؤلفون بأمثلة يحتذونها بل يلتفتون إليها، والتأليف لمن يصيب من نفسه قدرة على وضع مسرحية تمتاز بالطرافة والقوة والاتساق والفكرة الناهضة)