للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

- اخرس! أتعرف من الذي تكلمه؟ أنا أسعد بك حكيمباشي الأورطة التاسعة في الجيش المصري.

- وماذا يهم؟ أنا أريد نقودي. ليس هذا الجنيه كجنيه مصلحة الطب البيطري الذي لم تدفعه إنقاذاً لكلبك. هذا جنيه ثمن مشروبات جررتها من محلي. .

ورأيت سحنة أسعد بك قد انقلبت وصارت كسحنة النمر الهائج وقال وصوته يرتجف:

- ماذا تقول يا وقح؟ جنيه الطب البيطري! أتظن أنني قد بخلت بالجنيه في سبيل إنقاذ كلبي؟ أتجرؤ على هذا القول يا لعين؟ أنا أرضى أن ادفع مائة جنيه لا جنيها واحداً من أجله. . ولكنني لا أدفع للصوص أولاد الحرام، كلكم تستحقون ضرب الصرم، ورأيته يدس يده المرتجفة في جيبه في حركة شاذة ويخرج ورقة مالية من ذات المائة قرش وينهال عليها تمزيقاً في وحشية غريبة ويقول:

- أتستطيع أن تقول إنني لا أستطيع أن ادفع جنيهاً. .

ثم قام وأنشب أظافره في رقبة الرجل. وقامت بين الاثنين معركة حامية استدعيت من أجلها الشرطة.

وساءت أحوال أسعد بكفلم أعد أراه الا مخموراً رثالهيئة ممزق الملابس. قوي الشبه بهؤلاء المشردين مدمني المخدرات الذين تراهم في الطرق يستجدون المارة. وكان لا يسكت لسانه عن النقود وبالأخص عن الجنيه الذي لم يدفعه إنقاذاً لكلبه، وكان يؤكد لي في حماس غريب أنه لم يدفع هذا الجنيه نكاية في مصلحة الطب البيطري وليفهمهم أنه ليس مغفلاً أو ضعيفاً. وكان يروي الحكاية لكل من يقع عليه بصره في القهوة أو في الطريق وهو يصيح ويهدد ويشتم. وإذا لم يجد من يكلمه رأيته يحدث نفسه محتداً وهو يلوح بيده في حركات شاذة.

وانقلبمن شحيح متكالب على المال إلى مسرف متلاف لا تعرف يمينه ما تنفقه شماله. وسمعت أنه كثيراً ما يذهب إلى مصلحة الطب البيطري ليفدي الكلاب الضالة ويخرج لها رخصاً بمبالغ لا يستهان بها. وكان يحرضني دائماًعلى التبذير ويقول:

- اصرف وبحبح على نفسك.

وقابلت مرة محمد أفندي زكريا الموظف ببنك الكومرسيال فروى لي أخباراً مزعجة عن

<<  <  ج:
ص:  >  >>