كثيراً ضخماً يصفق له ويقبل عليه، ويستزيده من ذلك التضحيك المؤلم المرير الذي كان يعصف بنفس يوريبيدز؛ وكان ذلك الجمهور يدفع مع كل هذا ثمن التضحيك والسخرية أموالاً جمة ضخمة، فإذا شهد التمثيل خرج نشوان بما سمع، ثملاً بما رأى، وراح يجادل في مُثُل يوريبيدز من غير هدى ولا برهان مبين. . . إلا هذه النكات التي صنعها فيه أرستوفان، وصنعها شائكة نافذة حامية، وإلا هذه المشاهد التي تظهر فيها الحمير على المسرح ويظهر فيها أقرباء يوريبيدز من الرجال المحترمين متنكرين في زي النساء الساقطات اللائى لا أخلاق لهن، حتى إذا عرف الجمهور حقيقتهن أغرق في ضحك طويل مرير وانطلق يصفق ويصفر وهو يقبض على الكبود والقلوب من كثرة الضحك وشدته
وكانت النساء في أثينا من حزب أرستوفان على يوريبيدز، لما كن ينقمن منه تناوله حياتهن الخاصة في دراما ته تناولاً لم يكن سائغاً في ذلك العصر، بل كان تمزيقاً للحجب الكثيفة التي كن يعشن وراءها قابعات في الخدور أو مقصورات في الخيام، مما عددنه منه قلة أدب وقلة وحياء وقلة ذوق، بل قلة في كل مظهر من مظاهر الفضيلة والحفاظ، وسنة السلف الصالح.
لقد كانت مِسِزْ جراندي التي هيمنت طوال العصر الفكتوري على المنزل الإنجليزي وعلى الفتاة الإنجليزية تهيمن بشدة وعنف على المنزل الأثيني والفتاة الأثينية. . . والمسز جراندي هي تلك العجوز الشمطاء المتزمتة التي كانت تكره للفتاة الإنجليزية كل تقدم وكل رقي، وكل ثورة على العرف، وخروج على التقاليد، وكانت تفرض سلطانها على البيئة الإنجليزية فتحترم وتطاع احتراماً كلياً وطاعة عمياء. وكان الوسط الإنجليزي يقدس أوامر مسز جراندي ويأخذ بها نفسه، ومسز جراندي مع ذلك شخص خرافي لا وجود له، لكنها كانت تمثل التقاليد الإنجليزية الموروثة بحيث لا تسمح لأحد بالثورة عليها. فإذا ظهر أديب مثل يوريبيدز لا يبالي سنة السلف صاحت برعاياها أن حذار، ثم سلطت عليه السفهاء الجامدين من أمثال أرستوفان يشعبذون عليه، ويسخرون به، لكنها شعبذة لم تكن قط تبلغ عشر معشار ما بلغت شعبذة مسز جراندي في البيئة الأثينية. . . وكان يثير مسز جراندي الأثينية على يوريبيدز ما كان يبديه هو من ثورة على التقاليد التي كانت تفرضها مسز جراندي على قومه. . . فلقد كان يتناول في دراماته العلاقات الشائكة بين المرأة والمرأة،