والعذراء والعذراء والمرأة والرجل، بل غالى مغالاةً مخيفة فتناول موضوع الميل الجنسي الشاذ عند الذكور في درامته المفقودة (خريسبُّوس)، وموضوع الصبوة الزوجية في مثل مأساة امرأة عزيز مصر مع النبي يوسف في مأساته هيبُّوليتوس - التي سنلخصها للقراء - والتي عالج فيها مشكلة الطلاق، ومأساته المفقودة (ستينبويا) التي عالج فيها المشكلتين معاً.
وكان يوريبيدز لا يستحي في معالجته هذه المشكلات أن يستشهد بتجاريبه هو، وأن يطبقها تطبيقاً صريحاً، ولكنه تطبيق علمي سيكولوجي. كان له الفضل في ابتداعه ومحاربة الخجل الذي يخفي بسلاحه، ولذلك أطلقوا على يوريبيدز (إبسن القديم) إشارة إلى المسرحي العظيم هنريك إبسن الذي نقل الرواية التمثيلية من عالمها الرومانتيكي إلى عالم الحقيقة والواقع في عصرنا الحديث. . .
لقد كان يوريبيدز شذوذاً كبيراً في العصر الذي كان يعيش فيه، ولقد كان كما قدمنا ثورة جامحة على تقاليد عصره، ولن ينسى التاريخ يوم جال أرستوفان وصال، وراح يستصرخ نساء أثينا عليه، ويغري بينه وبينهن العداوة والبغضاء، ويهتف بهن أن يثأرن من يوريبيدز لشرفهن وحفاظهن وتقاليدهن استباحها جميعاً في مأساته (ميديا) تلك المأساة التي كانت نجاحاً رائعاً ليوريبيدز؛ بل كانت تكفي وحدها لتخليد الاسم الذي يتشرف بأنه اسم مؤلفها. ومع ذاك فقد انتصر الجمود عليها، وظفرت الرجعية الذميمة بها، فسقطت سقوطاً شنيعاً بعد العرض الأول
قال جيته:(لا أدري إذا كان أي مسرحي في أية أمة خليقاً أن يحمل نَعليْ يوريبيدز فيقدمهما إليه!!)
كلمة ساخرة من جيته!! وقد أرسلها في أعداء يوريبيدز، وناقدي دراماته وخص بها قبل كل شيء عدوه الأكبر أرستوفان لكن أرستوفان، وإن يكن أديباً رجعياً شديد المحافظة على تراث السلف الصالح، إلا أنه كان موضع إعزاز أفلاطون. وأفلاطون لا يجعل أحداً موضع إعزازه عبثاً. فقد كان يشهد لأرستوفان أنه وحده الذي عرف قيمة الحياة. فضحك ثم ضحك ثم ضحك. وجذب إليه الناس ليضحكهم عليها وعلى الحقيقة وعلى يوريبيدز!
والآن، ما هي ميديا هذه التي أحفظت نساء أثينا على يوريبيدز والتي استغلها أرستوفان في