الشيخ الذي لا نَسل له إلا فتاة بارعة الجمال. . . ويكرم الملك مثوى ضيفه الذي طبقت شهرة شجاعته الآفاق ثم يسر إليه أنه يرغب في أن يتخذه ولداً ويزوجه ابنته على شرط أن يقطع ما بينه وبين زوجته ميديا الساحرة ابنة ملك البربر. . . ويتردد جاسون ثم يقبل عرض الملك، لكنه يبقى الأمر سرّاً بينهما حتى يدخل بزوجته الجديدة، ثم يرسل الملك بعض جنوده للقبض على ميديا التي تكون قد عرفت كل شيء، وقهرها على مغادرة كورنه هي وولداها. . وتحتال ميديا فيمهلها الملك يوماً واحداً حتى تأخذ أهبتها للسفر، ثم تحتال فيلقاها جاسون حيث يفرغ كل ما في سريرته للآخر، ويكلمها جاسون في برود وتكلف، وتخاطبه ميديا في ازدراء وخشونة وأسلوب كله بَرَم ومَن. . . ثم يلقاها مرة أخرى فتبدو كأنها غفرت له كل شيء أو كأنها نسيت كل شيء، ثم تسأله أن يذهب هو وولداها إلى زوجته الجديدة بهديتها التي يسعدها جدّاً أن تتقبلها من امرأة محطمة كسيرة القلب مهيضة الجناح، فيهش جاسون ويذهب بالهدية وهي ثوب من دمقس وحرير مفتل فيقدمها لزوجته التي تفرح بها. . . لكنها ما تكاد تلبس الثوب حتى تحس بإبر الموت تخزها وتنفذ بالآلام المبرحة إلى نخاعها. . أوه!. . إنه ثوب مسموم احتفظت به ميديا لمثل هذا اليوم!! لقد ثأرت ميديا لنفسها كما ثأرت لكبريائها. . لقد ماتت الزوجة التاعسة من برحاء الألم!. . . لكن ميديا لا تكتفي بهذا الثأر يقع على فتاة بريئة أو قد تكون بريئة. . . إنها تذهب في ثأرها إلى أبعد حدود القسوة البشرية وأشقها. . . لقد قتلت أخاها أبستروس ومزقته إرباً ورمت بأشلائه في البحر لتعرقل أباها من أجل جاسون وفي سبيل حبه. . . فلماذا لا تقتل ولديها نكاية في أبيها، ومبالغة في تمزيق قلبه؟!. . . يا للثأر؟!
ويعلم جاسون بما انتوته فيسارع لإنقاذ الطفلين. . . ولكن! واأسفاه! لقد ذبحتهما الشقية! وهاهو ذا جاسون يقف على جثيتيهما باكياً محطوم القلب مشبوب الجوانح بالحزن الذي ليس مثله كمد ولا حزن
وفي هذه الثورة تبتسم ميديا. . . وتزدري جاسون. . . ثم تركب تنّينها السحري فيطير بها في الفضاء تاركة وراءها الزوج الشقي والجثتين الحبيبتين!
ثارت الأثينيات على يوريبيدز بعد هذه المأساة ثورة جامحة لأنه صرح فيها بأن ميديا صورة من بنات حواء جميعاً، وأنه ليس فيهن من يفضلها قط، وأن كل امرأة تصنع من