وفي رمال الصحراء المنبسطة، وهدوئها الشامل، وعظمة جبالها الشامخة، وفي صفاء سمائها، وجلال نورها، وفي لياليها الساحرة؛ في هذا، وفي أروع من هذا ما يخلب لب روادها، ويجذبهم إلى ارتيادها، وفيه ما يغري النفس بالتغلب على وعورة طبيعتها ليشعر بعد ذلك بلذة الانتصار والغلبة.
أما ساكنو هذه الصحارى من البدو، وما فطروا عليه من بساطة العيش فإنك حين تخالطهم سر عظمتهم وبعد نظرهم وبساطة حكمهم، وسلامة شرائعهم ومعرفتهم للنجوم، واتجاهاتهم وهبوب الرياح وعلاماتهم وأوقاتها، وتدرك على الجملة سر سيادتهم على هذه الصحارى وجملهم أدلتها.
وفي هذا المقال سأتحدث إلى القراء في كلمات وجيزة عن المعلومات التي على كل مصري معرفتها في وقت يهتم العالم فيه بهذه البقاع التي تقع في داخل حدودنا المصرية
لغة البدو وديانتهم ومعارفهم
يتكلم البدو بلهجة عربية تختلف عن اللهجة الفصيحة اختلافا بسيطاً، ومن السهل أن يتفهمها سكان المدن. وهم يكثرون في كلامهم من ضرب الأمثال. أما ديانتهم فهي الإسلام. لكن القليل منهم من يعرف قواعده. وأكثرهم أميون لا يقرءون ولا يكتبون، ولكنهم يعبرون عن العدد بأصابع اليد، ويعرفون فصول السنة والجهات الأربع، ويجعلون مواعيدهم طلعة الهلال أو طلعة القمر.
لهم رشاقة القد، وخفة الحركة، وجمال العيون، وذكاء النظرة، وسمرة اللون، وقلة شعر العارضين، ودقة الأنف، ولنسائهم ولع شديد بوشم الشفاه، وهو عندهن آية الجمال
تقوم زراعتهم على الأمطار إلا في بعض الواحات وحول الينابيع والآبار، وهم يزرعون الشعير والاذرة والبطيخ والقمح أحياناً، ويصنعون البيوت من شعر الإبل والغنم وكذلك يصنعون منها ملابسهم وخيامهم، ويعتنون بتربية الإبل والخيل والغنم ويستدلونها ويتجرون بها كما يتجرون بالبلح والعجوة وهو محصول النخيل
يسكن البدو خياماً من الشعر يحيكها نساؤهم ويقيمونها على شكل ظهر الثور جاعلين أبوابها نحو الشرق. ويلبس البدوي قميصاً قصيراً فوقه آخر أطول ثم يلبسون فوق ذلك عباءة، وذلك لباس متوسطي الحال منهم، أما الطعام فالشعير والأذرة والقمح والأرز والبلح