المتآخيين في الموطن المتباعدين في النشأة؟ وهل انتهى حق اليوم شيء من الخلاف القائم بين خريج الأزهر الشريف وخريج الجامعة المصرية وخريج دار العلوم! وإذا كان وزراؤنا وكبراؤنا لا تثقلهم تلك المشاكل الطائفية التي تواجههم بسبب الاختلاف في الثقافة فإنهم على الأقل يضيعون الكثير من وقتهم ومجهوداتهم التي نحس أننا أحوج ما نكون إليها الآن في أمور تافهة أو ثانوية بالنسبة لما تحتاج إليه مصر من مجهودات في شتى النواحي العمرانية والاجتماعية. وما بال هذه الصيحات المتعددة بدعوة الزعماء والأحزاب والمتحزبين إلى المهادنة وضم الصفوف في الأوقات العصيبة التي تجتازها، فهل وجدت إلا إعراضاً وإهمالاً وإمعاناً في الخصومة؟ وإذا كان بعض المفكرين ينسبون ذلك إلى أخلاقنا فهلا يرى القارئ معي أن بعضه يرجع إلى الاختلاف الواقع في صفوفنا منذ نشأنا النشأة الأولى في معاهد مختلفة الثقافة بعضها فرنسي وبعضها إنجليزي وبعضها مصري مدني والبعض الآخر ديني الخ! ألا إن تماسك الشعب المصري ووحدته المتمثلة في فلاحية الجهلاء لتتناثر وتتفتت إلى قوى متنافرة متخاذلة في قادته وزعمائه المتعلمين الذين رضعوا لبان ثقافات مختلفة في معاهد مختلفة فتفاوتت عقلياتهم وتضاربت آراؤهم وأصبحوا أميل دائماً إلى الخصومة منهم إلى التعاون والألفة!
لقد أصبحنا في أشد الحاجة إلى وضع حد لكل ذلك. ووضع هذا الحد لا يكون بالكلام والصياح ولكنه يكون بالعمل، والعمل على التوفيق بين مختلف الطوائف والأحزاب أمر يصعب تحقيقه للأسباب السالفة الذكر في جيلنا الحاضر. فلنضع الحجر الأساسي لبناء جيل جديد دعامته التعاون والاتحاد. وتنشئة هذا الجيل الجديد لا تكون إلا بإيجاد المدرسة الموحدة، ولن تكون لنا مدرسة موحدة ما دامت اللغة الأجنبية تفرق بين أبناء المدرسة الابتدائية وأبناء المدرسة الإلزامية والأولية والدينية.
ورد في مؤلفي (التعليم والمتعطلون في مصر) تحت عنوان (خلق الطبقات) ص١٩٥ ما يأتي:
(فهذه المدارس الشعبية الأولى المتعددة التي تتنازع أطفالنا (ويقصد بها الأولية والإلزامية والابتدائية والدينية الخ) تخلق أول تصدع في بناء الأمة الواحدة لأنها تخلق نظام الطبقات المختلفة في جسم هذه الأمة ذات الدين الواحد والعادات المتحدة واللغة الواحدة. وخلق