للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الطبقات بين أمة هذا حالها لا يقره دين ونظام؛ فالديمقراطية تنفر منه كل النفور لأنه لا يمكن أن يؤدي إلى الاشتراك في الميول والرغبات، ولا يمكن أن يؤدي إلى الاتحاد في الفهم العام الذي هو أساس التفاهم بين الأفراد، فهو إذن ينزع إلى التفرقة الشاملة بين أفراد الأمة الواحدة. ولعل قيامه بهذا الشكل هو السر الأول في هذه الفرقة التي نحسها في ديارنا في كل شيء. وطالما هو قائم في هذه المدارس المتباينة التي نرى في كل منها اختلافاً في الطرائق والأساليب والمذاهب فلن تكون لنا وحدة متماسكة ولن نستطيع أن نخلق من أبناء النيل أمة متحدة في الفهم والقصد ترمى إلى غرض واحد وتتعاون في طريق واحد). هذا ولقد دفعتنا العناية الكبيرة التي اضطررنا إلى توجيهها إلى التعليم الابتدائي فالثانوي تبعاً - إلى إهمال شأن التعليمين الإلزامي والأولي إهمالاً كبيراً تدل عليه تلك الإحصائية الواردة بصفحة ١٧٦ من مؤلفي السابق الذكر حيث ورد فيها أن تلميذ التعليم الابتدائي ينفق عليه ٢٤ جنيهاً في العام وتلميذ روضة الأطفال ينفق عليه ٢٢ جنيهاً في العام، بينما تلميذ الإلزامي والأولى ينفق عليه جنيه واحد في العام. وهذه تفرقة كبيرة جداً بل هي مؤلمة وليس لها من مبرر غير ذلك الهدف القديم الذي كنا نرمي إليه في التعليمين الابتدائي والثانوي من حيث إعداد خريجيهما للوظائف والتوظف، وهو هدف بدأ يزول من أدمغة القادة ولكنه مع الأسف لا زال راسخاً في أدمغة الطلبة وسواد الشعب، ويجب أن نعمل على نزعه من تلك الأدمغة سريعاً بإزالة الميزات التي تمتاز بها المدرسة الابتدائية عن باقي مدارس الأطفال وإدماج الجميع في مدرسة شعبية موحدة تخرج لنا الوطني المستنير ذا التفكير الموحد، ولن يتحقق لنا ذلك إلا بإزالة اللغة الأجنبية من المدرسة الابتدائية. ولا ضير في ذلك على اللغة الأجنبية لأنها ستعلم بعناية واهتمام وإتقان في المدارس التي أبناؤها في حاجة إليها وهي المدارس الثانوية ومدارس التجارة المتوسطة. أما طلاب المدارس الصناعية والزراعية المتوسطة ففي غير حاجة إليها ولا يصح إثقالهم بتعليمها، وهم فوق ذلك في حاجة إلى صرف وقتها فيما هم أحوج إلى تعلمه من ضروب المسائل العلمية المختلفة

وإذا كان هذا البحث وما سبقه قد اقتضيا من الوجهتين القومية والاجتماعية زوال اللغة الأجنبية من المدرسة الابتدائية، بل زوال المدرسة الابتدائية نفسها وإدماجها مع أترابها من

<<  <  ج:
ص:  >  >>