وفي موقعة الجسر سنة ١٣هـ لما بدت طلائع هزيمة قاضية، وأنحصر العرب - وقلوبهم خاوية - بين الفرات والجيش الفارسي، تقدم رئيس مسيحي من قبيلة طي (كما تقدم من قبل سبوريوس لأريوس لمساعدة هوريشس) إلى صنف العرب لمساعدة المثنى قائد جيوش المسلمين ليحمي الجسر الذي كان عبارة عن مجموعة من الزوارق الصغيرة، وكانت حينئذ الطريق الوحيد للتراجع المنتظم، ولما أخذ المسلمون في جمع الجنود ليستردوا مكانتهم، وليمحوا ما لحقهم من عار كان من بين المدد الحربي الذي انصب عليهم من كل جانب وناحية قبيلة مسيحية تدعى بني نمير، وكانت تقطن داخل الحدود البيزنطية. وفي واقعة بويب التي حدثت سنة ١٣هـ، والتي كانت قبل الهجوم الأخير للعرب الذي كان الهجوم الفاصل الذي نالوا فيه الفوز. في تلك الموقعة ركب المثنى إلى الرئيس المسيحي وقال له:(إنك من أبناء جلدتنا فتعال إذا وحارب معي كما أحارب) وقد تراجع الفرس وتقهقروا أمام ما لاقوه من هجوم عنيف. وبذا أضاف المسلمون نصراً جديداً في صفحة المجد إلى انتصاراتهم. وكان من أكثر مغامرات ذلك اليوم شجاعة ما قام به شاب من قبيلة مسيحية أخرى في الصحراء وكان هذا الشاب قد قدم في جماعة من أصحابه - وهم طائفة من البدو تجار الخيل - حينما كان الجيش العربي قد أخذ ينسجم في صفوف المعركة. اندفع هؤلاء التجار البدو إلى ميدان القتال في صف مواطنيهم، وبينما كان القتال في أشد عنفوانه إذ هجم ذلك الشاب إلى قلب الجيش الفارسي. وقتل قائده، ثم قفز على جواده الموشى، وقفل راجعاً بين حماس المسلمين وإعجابهم به وثنائهم عليه وكان يصيح في عودته منتصراً ويقول:(أنا من تغلب. أنا الذي قتلت قائدهم)