عدة من الزعماء والأكابر (صفر ٨٨٨ هـ - مارس ١٤٨٣م) وكان منظم هذا الدفاع الباهر الأمير أبو عبد الله (الزغل) فانتعشت آمال المسلمين نوعاً وسرت الحماسة إلى غرناطة واعتزم ملكها الفتى أن يحذو حذو عمه الباسل في الجهاد والغزو وأن ينتهز فرصة اضطراب النصارى عقب الهزيمة، فخرج في قواته في ربيع الأول من هذا العام (أبريل ١٤٨٣) متجهاً نحو حصن قرطبة شمال شرقي غرناطة؛ واجتاح في طريقه عدداً من الحصون والضياع، ومزق النصارى في عدة معارك محلية؛ ثم ارتد مثقلاً بالغنائم يريد العودة فأدركه النصارى في ظاهر قلعة اللشانة (لوتشينا وكان يزمع حصارها: ونشبت بين الجيشين معركة هائلة ارتد فيها المسلمون إلى ضفاف شنيل والنصارى في اثرهم، فهزم المسلمون هزيمة شديدة وغرق كثير منهم في شنيل. وقتل وأسر كثير من قادتهم وفرسانهم، وكان بين الأسرى السلطان أبو عبد الله محمد نفسه، عرفه الجند النصارى من الأسرى أو عرفهم بنفسه خشية الاعتداء عليه وأخذوه إلى قائدهم الكونت كابرا، فاستقبله بحفاوة وأدب وأنزله بأحد الحصون القريبة تحت رقابة حرس قوي) وأخطر في الحال ملكي قشتالة بالنبأ السعيد؛ وعاد المسلمون إلى غرناطة دون ملكهم، فارتاعت غرناطة للنكبة واضطرب الشعب؛ واجتمع الكبراء والقادة وقرروا استدعاء أبي الحسن السلطان المخلوع ليجلس على العرش، ولكن أبا الحسن كان قد هدمه الإعياء والمرض وفقد بصره ولم يستطع أن يضطلع طويلاً بأعباء الحكم، فنزل عن العرش لأخيه محمد أبي عبد الله (الزغل) حاكم مالقة وارتد إلى المنكب فأقام بها حينا حتى توفي، وجلس (الزغل) على العرش يدير شئون المملكة وينظم الدفاع عن أطرافها.
أما السلطان أبو عبد الله بن أبي الحسن فلبث يرسف في أسره عند النصارى وأدرك ملك قشتالة في الحال ما للأمير الأسير من الأهمية، وأخذ يدبر أفضل الوسائل للاستعانة به في تحقيق مآربه في مملكة غرناطة. وبذل أبو الحسن حين عوده إلى العرش مجهوداً لافتداء ولده لا حباً فيه وشفقة عليه، ولكن لكي يحصل في يده ويأمن بذلك شره ومنافسته، وعرض على فرديناند نظير تسليمه أن يدفع فدية كبيرة وأن يطلق عدداً من أكابر النصارى المأسورين عنده فأبى فرديناند وآثر أن يحتفظ بالأسير إلى حين، وبذلت الأميرة عائشة من جهة أخرى مجهوداً آخر لإنقاذ ولدها بمؤازرة الحزب الذي يناصره، واقترحت على ملك