للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولكن هل هذا هو ما يشعر به حقاً ابن الشارع أو المنتصر له الذي يعطف منه أو تصدقه عليه؟ قد يكون؛ ويغلب أن يكون ذلك لأنك لو سألت ابن الشارع لماذا لا تعمل عملاً منتجاً أكثر وأحسن من هذا لأجابك على الفور: أين؟ وأي شيء هو؟

وما دام يسيطر عليه مثل هذا الشعور فقلما يكون منه احترام للقانون العام الذي هو قانون الجماعة، وقلما يعرف حرمة لعلاقته بغيره، وقلما يميز بين (مشروع وغير مشروع) حتى تشعره الحكومة بالرعاية وتعترف بوجوده وتعبد له طرق الحياة الشريفة.

ولعل من يلوم ابن الشارع على عمله يلومه لأنه يرى أن حكومة الدولة لم تذخر وسعاً في تعميم تلك (الرعاية) فأنشأت الملاجئ للمعوزين، والمستعمرات الزراعية للأطفال المتشردين، ثم منعت التسول، ثم نظم صاحب السعادة محافظ العاصمة الشاذلي باشا، بائعي الصحف (واليانصيب) بتميزهم بقمصان زرقاء أو صفراء. . . الخ

والواقع أن التدابير التي تتخذها حكومتنا في معالجة المسائل الاجتماعية ليست مبينة على أساس، لان الذي يحملها على ذلك إما التقليد غير الموفق، أو الثائر الوقتي لأمر ما، وغالباً تكون الدعاية الحزبية.

ولن تأتي (تدابير) رعاية ابن الشارع بثمرة ما دامت الحكومة لا تأخذ بمبدأ التدخل في تنظيم الاستغلال والإشراف على الإنتاج العام.

وسيظل ابن الشارع غير مجزم في نظر نفسه؛ وسيظل تضرر الغير به ما دام يباشر عمله؛ وسيستمر هو في مباشرته حتماً حفظاً لوجوده وتلبية لغريزة حفظ البقاء.

محمد البهي

دكتوراه في الفلسفة وعلم النفس من جامعات ألمانيا

<<  <  ج:
ص:  >  >>