تشريف أوراق الدولة بتوقيعه الكريم فينال الثمرة التي يتعب فيها الفلاحون، يجدون ويشتغلون في وقدة الضحى تحت الشمس المسعرة، وفي زمهرير الليل تحت النجوم التي ترتجف أشعتها من البرد، ليقدموا لهذا الموظف الكبير ثمن سيارته التي يسوقها ابنه خلال الحقول تياهاً مستكبراً، وقصره الذي يلوح بين بيوت القرية كالجبار العابس الباسر، وثمن كأسه المحرّمة ولذته المنكرة، ويذهبون فيأكلون خبز الشعير وينامون على الحصير. هذا الموظف الذي لا يكفيه وحده ما يدفعه أربعون من صغار (المكلفين) تباع فرشهم من تحتهم وقدورهم وثيابهم لتؤدي من تحتها الضريبة. هذا الموظف يستعلي ويستكبر ويقبض يده عن الإحسان ويبسطها في سبل السوء، ويتشبه بأولئك الأغنياء الأغبياء وقد يسبقهم في ذلك أشواطاً، ومن كان في شك مما أقول فليذهب إلى القرى والدساكر. . .
ولسنا والله شيوعيين ولا يرانا الله ندعو إلى هذه اللعنة (الحمراء) ولا نؤلب الناس بعضهم على بعض، ولكنا ندعو إلى (الشعور) الذي لا يكون الإنسان إلا به إنساناً، والإحسان هو شعبة من شعب الدين الإسلامي. . . فمن اختار من الأغنياء وأرباب المرتبات الضخام ألا يكون إنساناً ولا مسلماً فليفعل!
على أن ما قلنا ليس إلا صدى لمقالات الأستاذ الزيات التي تتجاوب اليوم أصداؤها في البلاد العربية، وفي الذي يقول الزيات بلاغ وزيادة.