للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

معه، لاستطاع القيام بعمل ذي شأن. فهؤلاء لا يزيدون المرء إلا ضراً. إنهم يسخرون منه، ويستهزئون به ثم يدعونه متحسراً على ما فات ضاحكين.

بوركت يا غوته! لقد أدركت الحقيقة من سنين وسنين. لقد قال: (يجب ألا تضيع وقتك مع أناس يأتون إليك دون أن تعلم. إنهم يفيدون منك عاماً ثم يدعونك. إن هذه الزورات لا تفيد شيئاً. إنها تفسد عليك آراءك، وتنقلك إلى عالمك الخارجي الذي هربت منه، بعد أن اصطفيت منه صوراً جئت لتخلع عليها مسحة من عقلك فتجعلها آية للناس. أنا غني عن أفكارهم فعندي ما يكفيني) وليحدد طرائق العمل، فإذا نظر فيما اختطه لنفسه بعد سنوات لقي كل شيء هيناً، فيثق آنئذ بقدرته ويرضى عن سعيه فلا يتقاعس، ولا يخلد إلى الراحة والهدوء. على أنه يجب أن نعلم الأشياء التي تطلب عملاً مباشراً كي نقوم بها ثم نتكل على خطتنا ونسعى وراءها بملء قلوبنا. وليكن قلبك وعقلك متجهين دائما نحو الهدف. فإذا أصبته يوماً استطعت أن ترج على خُطاك.

تتلمس الطريق على هدى وتنظر إلى العقبات التي اعترضتك فتستمد من ذكرى ظفرك بها قو لعملك القادم وأملاً لعيشك الجديد إن النوابغ يدأبون بشغف على العمل. فلا يدعونه حتى يفرغوا منه، ولا ينكبون على عمل آخر قبل أن يتموا الأول، وتكون عقولهم متجهة نحو طريق واحدة كما يقول المثل الأمريكي. وربما كان ذلك باعثاً على الضجر مسبباً للملل، ولكن ما أهناها ساعة يتغلب المرء فيها على العقبات، ويصل إلى هدفه ظافراً!

فإذا اخترت لنفسك عملاً، فانك تختاره حسب ما تستطيع أن تقوم به قواك، وتوصلك إليه مواهبك. ومن الخطل اتباع أمر لا نجح لك فيه. والفشل يشل القوى ويفقد النشاط. كان (غوته) ينصح للشعراء الشباب أن ينظموا قصائد قصاراً عوضاً عن ملحمة واحدة كبرى، لكيلا يفشلوا فيأسوا على ما فآتهم.

وكان صموئيل بوتلر يقول: (إذا أكلتم العنب، فابدءوا بما ينضج من حبّه) وجدير بالمرء في عمل صعب متشابك أن يجزئه إلى أقسام، ثم يعمد إلى كل قسم فيتمه. فإذا كانت أمامك طريق صعب طويلة تود أن تسلكها فقسمها إلى مراحل لأن من الصعب أن تمضي فيها وتصل إلى منتهاها في لحظات، ثم اقطع كل يوم مرحلة. . فلا تلبث إلا قليلاً حتى تجد نفسك في غايتك، دون إن تلغب نفسك أو تجهد جسمك. كن كالمصعد في الجبل الآمل في

<<  <  ج:
ص:  >  >>