الحسان. إن ابن الخمسين لا يصلح إلا أن يكون ملجأ لمنكودات الحظ في الحب أو في الزواج أو طالبات العيش الهادئ في كنف الرجل كان ما كانت سنه، أو العوانس اللواتي يكابرن الدهر والدهر يتطاول عليهن، أو الغواني من قانصات المال والجاه العريض، وهذا الصنف من المخادعات إذا قابلن رجلاً في منحدر العمر، همسن في أذنه أنهن لا يحببن الشباب لنزقه وتيهه، ولكن يعشقن الشيوخ لرجاحة عقولهم وفيض حنانهم.
وشارلي العبقري الفنان، ابن الخمسين، لا يجهل ذلك. ولهذا فقد قدر عليه أن يعيش محاطاً بكل لذائذ الحياة، من مال وجاه وفخار إلا لذة الهجوم إلى صدر امرأة يخفق قلبها بحب خالص له. قدر عليه أن يكابد مرارة الحرمان الدائم، وقسوة الوحدة، وحمى الضمأ الذي لا يرويه ماء.
وهذا كله فدية الروح الخلاق والطموح الذي لا يتطامن، وهذا أيضا فدية المجد الذي علقه شاباً ورجلاً وكهلاً.