عظيم ألا وهو مرافقة حاكم البلاد على التخلص من الحكم الاستبدادي الرجعي، والعودة إلى حكم الحرية الدستورية الذي سبق أن وافق عليه يوم تبوأ عرشه ثم عاد فتنكر له حين اطمأن في مصر إلى كرسيه.
وقد عارض شريف باشا أول الأمر في قبول الوزارة، وكانت حجته في ذلك أنه بقبوله الحكم دون قيد ولا شرط إنما يضع نفسه تحت سلطة الحزب العسكري، الأمر الذي لا يستطيع أن يحمل نفسه على قبوله؛ ولذلك دارت بينه وبين رجال هذا الحزب مفاوضات استمرت بضعة أيام تحرجت الأمور فيها حتى أوشك أن يتنحى شريف عن قبول الوزارة نهائياً.
ولكن لاحت بوارق الأمل عقب ذلك، وكم كان جميلاً أن تلوح من جانب ذاك الذي لا يزال نفر من المصريين حتى وقتنا هذا يرمونه بالفوضى ويعودون بأسباب ما لحق مصر من ويلات إليه، فيقيمون الدليل بذلك على أنفسهم أنهم إما ذووا أغراض أو أولو جهل معيب بحقائق الأمور.
كان جميلاً أن يبرق الأمل من جانب عرابي، فلقد دعا يومئذ أعضاء مجلس شورى النواب المعطل وعرض القضية عليهم وكان على رأسهم سلطان باشا ذلك الذي كان يعتبر في تلك الأيام من أكبر زعماء الحركة الوطنية.
وذهب إلى شريف وفد من هؤلاء يرجون منه قبول الحكم، فعرفوا منه انه يشترط ألا يتدخل الجند في شيء، ويريد أن يرحل عرابي وعبد العال بفرقتيهما إلى مكانين يختاران لهما، وأن يترك قبل ذلك حراً في اختيار وزرائه لأن عرابي كان يطلب إليه إعادة البارودي وإدخال مصطفى باشا فهمي في الوزارة، وكان شريف يرفض ذلك لأنهما لم يثبتا على عهدهما فدخلا وزارة رياض عقب إقالة وزارته.
وتعهد هؤلاء الزعماء برياسة سلطان أنهم يضمنون لشريف خضوع الحزب العسكري، وكان بين هؤلاء من ذوي المنزلة في البلاد سليمان أباظة والشريعي والمنشاوي والمويلحي والشمسي والوكيل، وهم أهل جاه وسلطان يعرف شريف قيمة انضمامهم إليه.
وذهب عرابي بنفسه إلى شريف، قال عرابي: (وفي يوم ١٤ سبتمبر سنة ١٨٨١ قابلته مرة أخرى وقلت إنه لا يمكن ترك البلاد بلا وزارة فأصر على الرفض فقلت له: (إن لم