عندئذ بات من المؤكد ألا تحصل هذه الفوتوغرافيات إلا عند مرور الجسيمات الكونية، ومما يجدر بالذكر أنه قبل استعمال هذه الطريقة كان يلزم أن يقوم الباحثين بعمل مئات الفوتوغرافيات ليحصل على واحدة أو اثنتين من الصور التي يرى عليها مسارات هذه الجسيمات الكونية، لأنه عندما يقوم الباحث بتحريك المكبس والجهاز الفوتوغرافي لا يعلم إذا كان يمر في نفس الوقت جسيم من الأشعة الكونية، أما الآن فإنه في كل مائة صورة ترى حوالي ٧٥ صورة مرسوماً عليها مسارات هذه الجسيمات المتناهية في الصغر.
ويتلخص الموقف اليوم أنهم توصلوا لعمل أجهزة تسمى عدادات الإلكترونات وتوصيلها بعضها ببعض، بحيث لا تتأثر إلا بمرور جسيم كوني يخترق العدادات معاً، وأنه بتأثر هذه العدادات يتحرك المكبس الموجود في جهاز آخر، يسمى جهاز ولسون، كما يتحرك الجهاز الفوتوغرافي، بحيث أن أصغر مكونات الكون وهو الإلكترون عند مروره أو مرور شقيقه البوزيتون بسبب كل منهما حركة كل هذه الأجهزة، فتسمعه أولاً ثم ترى مساره ثانياً، بل ترى أثر ما أحدثه من تهدم وتفتت في ذرات المادة التي اخترقها.
وفي الشكل (١) ترى غرفة ولسون وترى حزمة من الجسيمات تظهر في الجزء الأعلى من هذه الغرفة كما ترى حزمة من الجسيمات المطرودة من لوحة الرصاص الموضوعة داخل الغرفة. وفي الشكل (٢) يرى القارئ زوجين إلكترون، وشقيقه البوزيتون، الجسيم المكتشف حديثاً، يظهران فجأة في غرفة ولسون، وتعد غرفة ولسون، وما يدور فيها من حوادث جسام أعظم ما توصل إليه العلماء في البحث التجريبي.
وإلى اليوم الذي قد يتاح فيه القيام بتجارب أعظم أثراً من التجربة السابقة، عندما يتاح للعلماء أن ينتفعوا مثلاً بالطاقة والنشاط الموجودين في المادة في مرافق حياتنا المختلفة، عندما لا نعتمد فيما نحتاج إليه من طاقة إلى ما هو معروف من الفحم، والوقود والكهرباء، عندما يصبح مصدر ما نحتاج إليه القليل من المادة والتافه من الأشياء؛ فأن التجربة الخاصة بغرفة ولسون ستظل حتى هذا الوقت من أعظم وأدق التجارب العلمية التي تحققت في وقتنا الحاضر.