وقال بعض الشيوخ: إن ذلك الأسلوب لم يرد مثله عن العرب، ولكنه يصح لنا أن نقوله، وهذا يكفي في تسويغ كلام ابن عقيل فقلت له: إن مثل هذا قد مضى زمنه، ولا يمكن أن يقبله الآن أحد منا، لأن النحو موضوع لكلام العرب لا لكلامنا.
وقد رد أسلوب نفى النفي في لغة العرب على نحو آخر مقبول يدخل فيه الاستفهام الإنكاري على النفي لأجل نفيه، لأن الاستفهام الإنكاري يفيد النفي، ونفى النفي إثبات، وهذا كما في قوله تعالى:(أليس الله بكاف عبده) فهو بمعنى قولنا: - الله كاف عبده - ولكنه يفيد ذلك على أبلغ وجه وأحسن أسلوب. وقد قام الإنكار فيه مقام التأكيد اللازم في الرد على إنكارهم، بل هو أقوى من التأكيد في اقتلاع الإنكار من أنفسهم. ومن ذلك الأسلوب أيضا قول الشاعر:
ألستم خير من الركب المطَايا ... وأندى العالمين بطون راحِ
وقد قيل إنه من أجل هذا كان أمدح بيت قالته العرب، ولا شك أن الفرق كبير بينه وبين ذلك الأسلوب الذي أجازه ابن عقيل، ومع هذا نحب أن نشترك قراءة الرسالة في أمره، فلعل بعضهم يحفظ عن العرب شاهداً له.
عبد المتعال الصعيدي
وفاة السيد عبد الرحمن الإمامي
فجع المغرب الأقصى في الأيام الأخيرة بفجيعة كان لها وقع كبير في نفوس الشعب المغربي ألا وهي موت أحد علمائه الكبار السيد عبد الرحمن القرشي الإمامي في العشرين من المحرم؛ فكانت المصيبة التي ذهل الكل لها. وقد كان الفقيد رحمه الله من الساهرين على المصلحة العامة والمناضلين عنها مضحياً في ذلك بكل نفيس.
تقلب الفقيد في وظائف شتى فكان قاضياً مثل العدل والنزاهة ثم كان وزيراً لم يشهد المغرب قط مثله وزيراً صارماً
وقد قنع الفقيد رحمة الله عليه بما في يديه فانقطع لعبادة الله ونشر العلم تاركاً الدنيا ولم يخلف فيها ديناراً ولا درهماً.
وتقديراً لهذه الحياة العامرة بجلائل الأعمال قامت نخبة ممتازة من شباب جامعة القرويين