للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يصبر لهذا الهوان من أحد رافضي عبادته يرسل طائفاً من الجنون يجتاح سيدات القصر الملكي كله بما فيهن أجاف أم الملك فينطلقن مهرولات مولولات لينخرطن في صفوف ديونيزوس، وليعكفن على عبادته. وينصح أشياخ الشعب الطيبي للملك أن يحد من غلوائه ضد الإله وإن يشرب قلبه محبته عسى أن يغفر له، لكن الملك لا يزداد إلا شموساً، فلا ييأس ناصحوه من النصح له حتى يقبل آخر الأمر أن يستخفي في زي امرأة ثم ينطلق إلى جبل كيثارون حيث يختبئ في بعض الأدغال القريبة ليشهد كيف يقبل نساؤه الملكيات على عبادة الإله وليقف بنفسه على مدى خشوعهن له. . . وما يلبث الملك المستخفي أن يفتضح أمره فيضبطه نساؤه في مخبئه، وتهجم عليه أمه وهي فيما هي فيه من طائف الجنون المقدس فتقتله ثم تمزقه إربْا، وتنثر في الهواء أشلاءه، وتنطلق برأسه نشوانة بخمر النصر وهي تحسب أنها قد قتلت أسداً، وإن الرأس الذي تحمله هو رأس ذلك الأسد!

فإذا انتهت إلى القصر، وراحت تفتخر بفعلتها التي فعلت، لقيها أبوها قدموس الذي آب هو أيضاً من جبل كيثارون حاملاً أشلاء حفيده، فيقول لها وتقول له، وقد فاءت قليلاً من طائف الجنون المقدس:

أجاف - ماذا؟ ما الذي تنكرون؟ فيم أسفكم أيها الأهل؟

قدموس - دوري بعينيك قبل كل شيء في الهواء الذي حولك!

أجاف - أدور بعيني؟ ولماذا أفعل يا أبتاه؟

قدموس - ألم يتبدل الأمر غير الأمر؟ ألم يحدث أي تغير!

أجاف - لله ما أجمل وما أبهى! أبداً ما رأيت مثل هذا أبداً؟!

قدموس - أما تزال خيلاؤك تهيمن على روحك!

أجاف - لست أدري ماذا تقصد! إني أفيق قليلاً. . . أن عقلي المضطرب يصحو. . .

قدموس - ألا تستطيعين أن تنتبهي وتجيبي على ما أسألك؟

أجاف - لقد نسيتُ يا أبتاه كل ما قلت!

قدموس - أتذكرين إلى من زففناك عروساً يا بُنيّة؟

أجاف - إلى إخيون الذي يدعونه ابن التنين!

قدموس - وتذكرين ابنه الذي حملت في أحشائك؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>