ثم تبكي ألام ولدها ويبكي قدموس حفيده، ويشتد في بكائه إياه لأنه سيظل بلا عقب ولا وارث لملكه ولن تكون له ذرية من الرجال. . . ثم يبدو الإله ديونيزوس فجأة فيصمت الجميع، ويأخذ رب الخمر في إصدار أحكامه وإبرام إرادته فينذر قدموس أنه سيمسخه فيكون تنيناً، وستكون زوجته هولة شائهة الوجه. أما أجاف فستكون هولة أيضاً وستنفى من طيبة إلى أقصى الأرض. . . فإذا تضرعت إليه أن يترفق بها ذكرها بما كان من استهزائها به وتهكمها عليه. . . ثم تودع أباها ووطنها وداعاً مؤثراً وتنطلق من فورها إلى منفاها السحيق
أما الإله فأنه يسمو صَعَداً في الهواء ليلحق بدولة الأولمب!!
فهل رأيت سخرية كهذه السخرية؟! لقد حشد يوريبيدز طائفة كبيرة من الطعن في أهل البربر في الباخوسية، كما لجأ كعادته إلى الإشادة بذكر الهيلانيين. . . وقد أقام في مقدونيا عاماً ونصف عام فيهما صفى الملك وحبيبه وصِدِّيقه. . . ثم مات يوريبيدز متأثراً بجراحه التي يزعمون أن كلاب الملك وكلاب المقدونيين أحدثتها به حينما انطلقت عليه تعقره وتعضه وتمزق جسمه؟!. . . فهل هي رواية صادقة؟! وهل بين هذه الرواية وبين ما طعن به على البربر علاقة ما؟ وهل المقدونيون من البربر؟ أم أن استخلاص الملك له وإيثاره إياه أثار في قلوب رجال الحاشية حسدهم له وموجد تهم عليه فأغروا كلابهم به؟!
لقد زعموا أن الملك وجد على يوريبيدز وجداً شديداً. . . وأنه رفض إرسال جثمانه إلى أثينا ليدفن هناك وقد ألح الأثينيون في طلبه وتوسلوا إلى ملك مقدونيا بشتى الوسائل، لكن الملك آثر أن يدفن صديقه بالقرب منه في (سنة ٤٠٦).