فهل يصح بعد كل هذا أن نخشى على اللغة الإنجليزية إذا نحن أخرنا البدء بدراستها إلى ما بعد مرحلة التعليم الابتدائي؟ لا شك في أنه لا خوف عليها مطلقاً إذا ألغيناها من التعليم الابتدائي كم أنه لا خوف على اللغة الفرنسية إذا أجلنا البدء بتعليمها إلى ما بعد سنتين من مرحلة التعليم الثانوي
وفوق هذا وذاك فإنا نعلم أن الطريقة المتبعة في تعليم اللغة الإنجليزية بالمدرسة الابتدائية الآن هي نفس الطريقة المتبعة في تعليمها بالمدرسة الثانوية وهي يقف الأمر عند ذلك بل نجد أن الكتب التي يدرسها التلميذ في المدرسة الابتدائية يعيد دراستها هي نفسها في المراحل الأولى من المدرسة الثانوية، وفي هذا اعتراف رسمي عملي بعدم أهمية دراسة اللغة الإنجليزية بالمرحلة الأولى وبان الطالب إنما يبدأ بتعلمها فعلاً بمرحلة التعليم الثانوي
أما ما نستفيده عملياً من تعليم اللغة الأجنبية في المدرسة الابتدائية فيتبين بصفحة ٢٣٨، من مؤلفي (التعليم والمتعطلون في مصر) إذ قد ورد فيه (أما النتيجة العملية التي يستفيدها الطلاب، وتستفيدها البلاد من تعليم اللغة الإنجليزية في المدارس الابتدائية فتبين من الإحصائية التي تنتقل بناجحي الشهادة الابتدائية إلى البكالوريا حيث ينتظر أن يفيدوا أو يستفيدوا من تعلم اللغة الأجنبية. وهنا أوردنا إحصائية يتبين منها النسبة المئوية لناجحي البكالوريا إلى ناجحي الابتدائية في عدة سنين تقع بين ١٧ و ٢٦ في المائة. ثم قلنا: (فإذا علمنا أن نحو ثلثي الناجحين في الابتدائية يقفون عند هذا الحد من التعليم وأن ناجحي البكالوريا لا يتمكنون جميعاً من الالتحاق بالجامعة، وأن الكثيرين منهم يرسبون بعد ذلك خلال مرحلة التعليم الجامعي، وإذا علمنا أن الطالب كان يتعلم اللغة الإنجليزية إما للوصول إلى التعليم العالي أو التفاهم بها مع الموظفين الإنجليز العديدين الذين كانوا يملئون دواوين الحكومة عند توظفه. وقد زال هذا السبب الآن واقتصر في تعلم اللغة على الغرض الأول وهو البحث العلمي والاتصال بالآراء الحديثة، عرفنا مقدار التضحيات الجسام التي تضحي بها مصر الآن من مجهودات أبنائها ومن أموالها علاوة على إرهاق الطلبة في سبيل توصيل عدد ضئيل من أولئك الأبناء إلى التعليم الجامعي للانتفاع بتلك اللغة)
بعد هذا كله لا نرى أمامنا غير طريق واحد للسير بالتعليم قدماً نحو الديمقراطية الحقة