للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

كان إرشاد حديثي الإسلام غير صحيح. ولهذا بعث الخليفة عمر بالمعلمين لكل الأقاليم. وقد كانت وظيفة هؤلاء المعلمين أن يعلموا الناس القرآن، وأن يرشدوهم إلى كيفية القيام بشعائر الدين الجديد. وكان على حكام الأقاليم، شباناً كانوا أو شيوخاً، أن يحافظوا على حضور صلاة الجماعة، وبخاصة صلاة الجمعة، وفي شهر رمضان. ويمكننا أن نحكم على مقدار العناية التي وجهت إلى تعليم من دخلوا الإسلام حديثاً وإرشادهم من هذه الحقيقة؛ وهي أن وظيفة التعليم والإرشاد هذه لم توكل إلى شخص أقل خطراً ومقداراً من خازن بيت المال نفسه.

ومن تلك الأمثلة السابقة التي تدل على تسامح المسلمين الظافرين مع العرب المسيحيين في القرن الأول الهجري، ذلك التسامح الذي ظل خلال القرون التالية. نستطيع أن نستنبط واثقين أن تلك القبائل المسيحية التي اعتنقت الإسلام إنما فعلت ذلك باختيارها وطوع إرادتها. والدليل الواضح على ذلك التسامح هو بقاء العرب المسيحيين حتى اليوم في وسط الجماعات الإسلامية.

ويحدثنا (لايارد) أنه مر بعشيرة من المسيحيين في ناحية الكرك، شرقي البحر الميت، وأن هؤلاء لا يختلفون عن العرب المسلمين لا في لباسهم ولا في عاداتهم. ولقد ذكر رهبان جبل طور سينا لبوركهارد أن بضعة بيوت من البدو المسيحيين ظلت حتى القرن الثامن عشر على دينها، وأن أخرهم امرأة عجوز توفيت سنة ١٧٥٠ ودفنت في حديقة الدير.

وكذلك لا يزال على المسيحية كثير من العرب من قبيلة بني غسان الشهيرة، وهم عرب خلص، وقد اعتنقوا المسيحية حوالي أواخر القرن الرابع الميلادي. وهم يستعملون اللغة العربية في صلواتهم الدينية منذ أن خضعوا للكنيسة الرومانية في القرن السابع عشر.

(يتبع)

<<  <  ج:
ص:  >  >>