ونبتاع علبة لفائف الدخان (السجاير) ونشعل واحدة منها، فيتصاعد الدخان على شكل كرات نرى بالعين مجموعاتها متراصة ومتتابعة، ونرى بالميكروسكوب جزيئاتها أكثر تفصيلاً ووضوحاً، فهذه العلبة وما فيها من لفائف، وهذه الملايين من الكريات المتصاعدة مظهران من المظاهر المختلفة للمادة.
وترزق مولوداً سعيداً يحمل أسمك وتهبه مجهوداتك، وتوليه محبتك، ويرث خصائصك وعلمك وتؤول إليه ثروتك: هذا المولود أيضاً من أعجب مظاهر المادة.
هذه المظاهر المتفاوتة في المادة وغيرها نصادفها في كل لحظة من لحظات حياتنا، وكذلك نصادف مظاهر الكهرباء أو الضوء في حياتنا اليومية، بل إن أجسامنا هي مجموعة لهذه المظاهر مجتمعة.
فهذه مركبة الترام تقلنا من المنزل إلى حيث العمل؛ فما يجري في الأسلاك الممتدة على طول الطريق خلال انتقالنا هو مظهر من مظاهر الكهرباء.
ونعود في المساء إلى المنزل فنستمع لبرنامج الإذاعة، ونتتبع أخبار العالم، هذه محاضرة شائقة وهذا لحن جميل، ونحن في هذا وذاك إزاء تَردِّدٍ كهربائي، تحول في داخل الجهاز، وفي اللحظة الأخيرة إلى تردد صوتي؛ فهو قبل كل شيء ظاهرة من ظواهر الكهرباء، وانتشار الأمواج الكهرومغناطيسية.
وتضغط زراً فتسطع الأنوار في الغرفة، هذه هي الظاهرة الضوئية في المصابيح هي ظاهرة كهربائية في فتيلاتها، ويتطاير في الثانية الواحدة من فتيلة المصباح من الإلكترونات ملايين المرات عَدد ما في أرجاء المعمورة من بشر.
وترى وأنت تخترق بسيارتك الصحراء في طريق السويس مثلاً السراب بوضوح تام فتظنه ماء وما هو بماء، هذه ظاهرة ضوئية ناتجة من انكسار الضوء على طبقات الجو المختلفة، هذا الانكسار الناشئ من اختلاف كثافة هذه الطبقات تبعاً لاختلاف درجات الحرارة. فهذا السراب وهذا الماء المزعوم ظاهرة ضوئية هذه (فوتونات) تصل إلى مقلة العين بسرعة الضوء.
وترى وأنت مطل من نافذتك تتأمل السماء في وقت منذر بالمطر قوس قزح عريضاً في السماء يمثل نصف دائرة كاملة، هذا القوس ظاهرة ضوئية ناتجة من انكسار الأشعة على