قطرات الماء الرفيعة المحمولة في الهواء التي تمثل في هذه الحالة دور المنشور في عمليات الضوء المعروفة عندما يتحلل الضوء إلى ألوانه العديدة المعروفة، هذه أيضاً (فوتونات) تصل إلى العين، لكل لون من الألوان عدد من الذبذبات يؤثر في العين البشرية بتأثيرات مختلفة تجعلنا نفرق ونميز بين كل لون وآخر، هذا القوس وهذا التأثير على العين ظاهرة أخرى ضوئية.
هذه أمثلة مما نقابله كل يوم من مظاهر المادة والكهرباء والضوء، ويتراءى لنا أن كل مكونات الكون والخليقة يمكن إرجاعها إلى ظواهر مادية أو كهربائية (كذلك مغناطيسية) أو ضوئية، أو إلى ظواهر هي خليط من هذه الظواهر الثلاث.
كل هذه الظواهر يمكن الحصول عليها بمقادير متناهية في الصغر، هي التي نريد أن نتأملها ونستعرضها، وهي التي باتت تلعب دوراً فيما نالته العلوم الحديثة من طفرة وتقدم.
على أن أبسط هذه الظواهر هي المتعلقة بالمادة وتقسيمها إلى جزيئات وذرات صغيرة.
إن إرجاع جميع الأجسام مهما كانت صلدة ومهما كانت سطوحها ناعمة، إلى جسيمات صغيرة جداً مركبة تركيباً حُبيبياً فارغة من الداخل هي أول الأفكار التي تطرأ على الذهن. هذه الفكرة ترجع فيما يخص المادة إلى أقدم العهود، وقد تقدمت عن فلاسفة الإغريق، وعمرت على ممر العصور، وبقيت خلال كل التطورات العلمية المختلفة حتى توطدت في أوائل القرن التاسع عشر مستندة على براهين جديدة دعمتها وحققتها بطريقة لا تقبل الشك.
على أن الأفكار التي أدت إلى الفكرة الذرية للمادة مؤسسة في الواقع على ظواهر أولية تفهم بالبداهة ومن دون عناء.
فَثمَّ مجموعتان من الظواهر تؤديان إلى الفكرة الذرية للمادة:
المجموعة الأولى تنحصر فيما يمكن أن يطرأ على المادة من تعديل في شكلها الظاهري، وذلك بما لها من خواص المرونة كضغطها وانحنائها والتوائها، هذا التعديل الذي يصل في السوائل والغازات إلى أقصاه بما لها من سيولة كاملة تأخذ المادة في هذه الحالة شكل الحيز الذي تحل فيه، هذا النوع من الظواهر هو تعديل طبيعي في المادة أي أنه تعديل في مظهرها الخارجي.
أما المجموعة الثانية من الظواهر فتخص التغييرات الداخلية وهذه من موضوعات الكيمياء