للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مثل التغيير الحادث بين العناصر لتكوين مركباتها؛ فالهيدروجين والأوكسجين يتحدان ليكونا الماء.

وكلتا المجموعتين تثبت فكرة واحدة هي أن الأجسام مكونة من جسيمات صغيرة صلبة، وقد أطلقوا على هذه الجسيمات الكلمة الإغريقية القديمة (أتوم)، أي الذرة ومعناها ما لا يمكن تجزئته. ومع ذلك فقد برهن التقدم العلمي الحديث على وجوب التفريق بين التعديلات الطبيعية الظاهرة والتغييرات الكيميائية، ففي الحالة الأولى لا دخل للذرات في هذه التعديلات الحادثة، وإنما الجسيمات المركبة منها هي التي تدخل في هذه التعديلات، وتسمى هذه الجسيمات وبذلك احتفظ بكلمة ذرة للجسيمات التي تتدخل في التغييرات الكيميائية. صغير من الجزيئي.

على أن العلوم الحديثة أدت إلى أن الذرة قابلة للتجزئة فأصبحت كلمة أتوم أي (غير قابل للتجزئة) لا تؤدي المعنى المراد منها، وعلى ذلك فإننا نتساءل عما إذا كانت هناك حدود للتقسيم المادي والكهربائي والضوئي يمكن عندها أن نقف عاجزين عن الوصول إلى تجزئتها إلى وحدات أصغر من التي نصل إليها.

إن كل معارفنا للعالم الخارجي تتطرق إلى أعماق نفوسنا عن طريق حواسنا، وكل تعريف لأي شيء أو ظاهرة في الوجود، مهما كان دقيقاً، لا يتعدى حدود قوة هذه الحواس على الإدراك والتمييز بين الأشياء، حتى خيالنا وكل ما يعرض في مُخيلتنا لا بد وأن يأخذ أشكالاً حِسية مختلفة. فهو بهذا مُعرّضٌ لنفس القانون الذي يحكم معارفنا للعالم الخارجي عنا.

إننا لا نستطيع أن نتخيل صورة في الكون لا يمكن إرجاع عناصرها المختلفة وأجزائها المتباينة إلى مسائل وأشياء اعتادتها حواسنا. على أن الرجوع بكل الفروض العلمية إلى حواسنا وقدرتها على التمييز والتفرقة بين الأشياء لا يمنع من أن نفرض أحياناً على الذهن صوراً لأشياء لا يمكن استيعابها بسهولة بهذه الحواس ذاتها، وهذا النوع من الصور تثبت صحته لا عن طريق الحواس وإنما عن طريق إثبات النتائج المترتبة على فرض هذه الصور، بمعنى أنه إذا اتفقت النتائج مع الظواهر الطبيعية المعروفة لدينا كانت هذه الصور التي افترضناها صحيحة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>