فيها دنيا من عالم القلوب. . . قلوب الطير ذوات الأطواق والسراويل والريش الملون والعيون الصافية التي استمدت صفائها من إدامة النظر للسماء
أعشاش مبنية من الأعواد وأوراق الشجر. . . تعبت في بنائها الأمهات والأباء لأداء الأمانة التي في صدورها للحياة. . . بناها هؤلاء بالمناقير التي يزق بعضها بعضاً بها حين الحب. . .
في كل عش فرخان يعين أحدهما الآخر على العزلة والنظر إلى الآفاق البعيدة. . .
خرجا من بيضتين متجاورتين، يحركان رأسيهما مغمضين أجردين من الريش معرضين لعوامل قاتلة من البرد والحر وأفواه الشر
من البيضتين انبثق حب دائم ربط بين قلبين صغيرين منسوجين من الهواء والضوء والصفو. . . هو حب اخوة وحب اجتماع في ظروف واحدة، وحب خوف من عالم النور والظلام، وحب زوجية. حديثهما حول هذا الطائر الكبير الذي ينهض من الشرق في الصباح ويملأ الدنيا وقلبيهما بالحرارة والدفء وعيونهما بالنور الذي يكشف لهما عن الأغصان والأفنان. . .
ألم تروا مرة أم فراخ بين أفراخها في عشها؟ ألا ترون الصبر والجد والصرامة واللهفة واليقظة لكل نامة حول العش؟
تصيح الصغار صياحاً ساذجاً بحناجر جديدة الانشقاق رطبة الأوتار. وحين تصيح الكبار تجد الجد والوقار والشعور بالمسؤولية وعبء التربية. لو اقترب الأسد من عش الطير لاعتراه خوف وخشية. . . فإن القبرة تهاجمه هجوم الغائب عن وعيه الحفيظ على أمانة الحياة في صدره. . . لا تبالي الموت ولا تحفل أدواته
إن غضب الطير للمأوى شيء مقدس جليل رائع. إنه ينفش ريشها ويجعلها تنفث أنفاساً من نار، ويدفع بمنقارها في صدر المهاجم. ليت بعض الخونة لأوطانهم ومأواهم يفهمون تلك الأسرار المقدسة في صدور العباد فيعملوا لها ولو بجهد الطيور الضعيفة
٧ - ذعر نحلة
كنت جالساً على الأعشاب أكتب وأمامي محبرة، فجاءت نحلة تبحث عن رحيق الأزهار