إليه ولكنها تتمنع، فلا يرى الرجل بداً من أن يخطو هو الخطوة الأولى. فإذا أحست المرأة إشفاقه من هذه الخطوة وتردده عنها أغرته بها ودفعته إليها وشجعته عليها، ولكنها لا تسمح لنفسها بأن تخطوها لأنها لا تعرف الصلة بينها وبينه إلا على وجه واحد، وهو أن تلقي عليه أعباءها. وهي مع رغبتها هذه تأبى إلا أن تسجل عليه خطوته الأولى، وإن كانت هذه الخطوة بإغرائها وتشجيعها، وهي تفعل هذا كله لتبرر فيما بينه وبينها بهذه الحركات الظاهرة دلالها عليه وتحكمها فيه بعد أن ملكت منه رغبته إليها أولاً، وخطوته إليها ثانياً. فكأنها التي تفضلت بانقيادها، وكأنما كانت تريد أن تعيش على بعد من الرجل
صحيح أن من الرجال من يستطيع أن يتماسك أمام المرأة، وأن يمضي معها في صراع المغازلة إلى أقصى ما تريد من فنون المغازلة، ولكن صحيحا أيضاً أن الكثيرين من الرجال لا يلبثون أمام المرأة إلا ريثما ترتجف أرواحهم فإذا هم يتطايرون عبيراً وشذى، وإذا هم فنون من الأنغام والصور والشعر والحكمة: في هذه الفنون أودعوا اللهفة والشوق، وبها أزينوا وتبرجوا كما يفعل بعض إخوانهم ممن يخادعون المرأة بقوة أبدانهم، وممن ستهوونها بجاههم وأموالهم
والرجل صريح في كل ضرب من ضروب الغزل هذه. . . ولكن المرأة - لا نقل كاذبة - وإنما نقول متحفظة
والتحفظ إبهام ولو ستر وراءه الصدق
وما لنا نتجشم الدخول إلى نفس المرأة، وهذه مظاهرها أمامنا واضحة؟!
أما نرى المرأة تعني بشئون بدنها أكثر من عنايتها بشئون روحها؟ بل إنها إذا صفت روحها سخرت هذا الصفاء لنعمة جسدها، وحسبته في أسباب أناقتها كأنه زي من أزيائها. . . فكثيرات هن المغنيات والراقصات والممثلات اللواتي يغزلن من فنونهن شباكا يقتنصن بها الأغنياء والشبان الوارثين وغيرهم ممن يشترون الجمال بالمال بينما لا يفعل مثل هذا من الرجال الفنانين إلا قلة نادرة شاذة
ثم أن هذا التجمل الذي تدمنه المرأة لا يخرج عن أنه تكلف وأنه شيء يشبه الكذب، فهذا المسحوق الأبيض الذي تذره المرأة على وجهها لتقول به إن بشرتها بيضاء ناعمة ليس فيه من بياض بشرتها ولا من نعومتها شيء وإنما الأبيض الناعم هو. وهذا الدهان الأحمر