تحفظ الأنوثة وتأنقها؛ ولا ريب أن هذا الخدش هو الذي يحملها دائماً إلى التهرب من المجتمعات والى حياة العزلة والغموض التي عرف عنها أنها تميل إليها، وأنها تشتريها بالمال الكثير، فهي إذن قد جزعت من الناس عندما ظهرت لهم على حقيقتها لأنها كانت تحب أن تخفي هذه الحقيقة، ولأنها كمن تؤمن بأن التأنق على ما فيه من التكلف خير من الصدق والحق
ولهذا أيضاً اضطربت حياة جريتا الغرامية، فهي قد أصبحت تعتقد أن الرجال قد وقفوا على حقيقة نفسها، وعلى مسالك عواطفها، فهي لذلك تشك فيمن يتقرب إليها بالهوى وإن أقبلت على واحد منهم فريثما تشعر أنه قد تملك من نفسها عندئذ تفيق ولا ترضى أن تؤمن بأن عاشقها هذا يحبها حباً صادقاً، وإنما تحسبه كالنساء التمس إلى روحها مدخلاً هو ناحية الضعف في نفسها
كل هذه الحيرة، وكل هذا الشك، وكل هذا القلق، لم يعتور النفس جريتا إلا لأنها جزعة نادمة على ما كشفت من نفسها، فهي تسمح للمرحوم جون جلبرت بأن يتقدم نحو روحها حتى يتسلط عليها فتشك فيه وتنتفض من حبه وتهجره، ثم لا تلبث أن تمثل مع رامون نوفارو فتحبه وتحس أنه يحبها، فما تحس هذا حتى تفر منه وتهجره
خبل ما بعده خبل. . . أحدثه في نفس المرأة الصدق، وكان حق الصدق أن يفيض بها طمأنينة ودعة
فهل يمكن أن يقال بعد هذا إلا أن الصدق غريب على طبع المرأة؟!
وما دمت قد ذكرت جريتا جاربو، وذكرت بها السينما، والسينما - كما قدمت - هي المجال الفني الذي تزاحم فيه المرأة الرجل، فإني أرى نفسي ميالاً إلى الوقوف عند مشاهدة لا ريب أنها تؤيد ما أذهب إليه من تباعد المرأة عن روح الفن الصادقة. . . تلك هي أنه لم يحدث أن تصدت للإخراج في السينما ولا في المسرح حتى اليوم امرأة. وإن كان ذلك قد حدث فإنه لابد أن يكون قد حدث في حالة واحدة أو حالتين أو - على الأكثر - حالات لا يمكن أن تزيد على عدد أصابع اليد الواحدة. . .
والإخراج في التمثيل - كما يحتاج إلى إلمام ميكانيكي بقواعد الفن، فإنه يحتاج إلى أبلغ النفاذ إلى روح الفن ومعانيه ومراميه، وهو لا يقوم إلا بذوق مستقل خاص يتجلى في