شرحهما ليس غريباً إذ قد وقعت موقعها وتوافر في العبارة شرطها وجوابها، فكيف يكون وضعها غريباً إذا تم لها ذلك وقد جرى الشارحان في شرحهما على اعتبار أصالتها بدليل أنهما استعاضا عنها في الشرح بلو. . .
ونحن نعترض على ضبط العبارة وشرحها، فأما الضبط فنرى أنه كان ينبغي أن يكون هكذا:
(. . . إذا حُبسَ نزفَ السحاب). وأما المعنى فهو: لو قدم إليه من الطعام مقدار إذا جمع بعضه فوق بعض وصل إلى السحاب فاحتك به وتشرب ماءه، ما تسامح في رغيف منه مع هذه الكثرة وقد نتكلف تصور ارتفاعه إلى السحاب. بل يكفي في تمثيل كثرته أنه لو سقط عليه ماء السحاب لتشربه، وعلى هذا يكون قوله:(ما تجافى رغيف) جواباً للو، لا لاذا
(ص١٥٢) في الحديث عن مغرم أصحاب الدور يورد الشارحان عبارة الأصل هكذا:
(فإذا قسمنا الغرم عند انهدامها بإعادتها، وبعد ابتنائها، وغرم ما بين ذلك من مرمتها وإصلاحها، ثم قابلنا بذلك ما أخذنا من غلاتها وارتفقنا به من كرائها خرج على المسكن من الخسران بقدر ما حصل للساكن من الريح).
ويشرحان هذه العبارة المضطربة شرحاً يأتي مثلها مضطرباً. ولسنا بحاجة إلى بيان اضطراب الشرح وإنما نكتفي ببيان اضطراب الأصل فتقول: إن كلمة قسمنا لا موضع لها في الكلام إذ القسمة تقتضي شيئاً يقسم، ولسنا نرى هنا أقساماً فصلها القائل في كلامه وإنما صواب الكلمة قسنا، والقياس هو التقدير والحساب. وهنا قاس المتكلم غرم صاحب المنزل في بنائه أولاً ثم إعادته بعد تهدمه، بما حصل عليه من كراء فخرج القياس بخسران المالك وربح الساكن. كذلك نرى أن الواو في عبارة (وبعد ابتنائها) مقحمة تفسد المعنى والصواب حذفها فكان ينبغي أن تكون الجملة هكذا
(فإذا قسنا الغرم عند انهدامها بعادتها بعد ابتنائها، وغرم ما بين ذلك من مرمتها وإصلاحها ثم قابلنا بذلك ما أخذنا من غلاتها وارتفقنا به من كرائها، خرج على المسكن من الخسران بقدر ما حصل للساكن من الربح)